والقول ب «جواز اختلاف نوع واحد كمالا ونقصا وغنى وفقرا معلّلا بأنّ حقيقة الوجود مع بساطته مختلفة بالوجوب والإمكان والاستغناء عن المحلّ والافتقار إليه ؛ فإنّ استغناء بعض الوجودات عن المحلّ إنّما هو لكماله وكماله لجوهريته وقوّته وافتقار بعضها إليه لغاية نقصه وهو لعرضيته وضعفه وكذا إضافته إلى جسم بكونه نفسا له ضرب من القصور والحاجة ؛ فلا يلزم من حلول شيء في محلّ ذاتا أو فعلا حلول ما يشاركه في النوعية بعد التفاوت بينهما في الشدّة والضعف» يرد عليه أنّ اختلاف طبيعة واحدة بوجوه التشكيك لا بدّ أن يكون اختلافا لا يخرج أفراد تلك الطبيعة عن الاتّفاق في الحقيقة النوعية ولا يدخل بعضها في حقيقة اخرى كالاختلاف بمجرّد أكثرية الآثار وأقلّيتها وأشدّية الظهور وأضعفيته.
ولا ريب في أنّ الاختلاف بمثل الجوهرية (١) والعرضية والعلّية والمعلولية والتجرّد والمادّية ليس من هذا القبيل ؛ فإنّ الأفراد المختلفة فيها لو جاز كونها داخلة في حقيقة نوعية واحدة لم يوجد نوعان مختلفان ؛ فإنّ الاختلاف الذي بين هذا الفرس وهذا الإنسان ليس أشدّ من الاختلاف الذي بين هذا الجوهر وهذا العرض وبين الواجب وبعض معلولاته.
وما ذكره من التعليل ضعفه ظاهر ممّا مرّ ؛ فإنّ الوجود المختلف بأنحاء التشكيك هو العامّ الانتزاعي ، والوجودات الخاصّة ليست أفرادا له ، بل التحقيق / A ١٨٨ / ـ كما مرّ ـ أنّها مختلفة بأنفسها وفرد منها قائم بذاته متحقّق بنفسه والبواقي معلولة له متحقّقة بالانتساب إليه ؛ ولا يوجد ذاتي مشترك بينها حتّى يلزم اختلاف حقيقة واحدة في الوجوب والإمكان والاستغناء عن المحلّ والافتقار إليه.
وكلمات المعلّم (٢) الأوّل لا بدّ أن يحمل إمّا على ما مرّ من العقول النازلة
__________________
(١). س : الجوهر.
(٢). س : العلم.