في عالم الصور العقلية أفلاك وكواكب وشمس وقمر وخمسة متحيّزة وثوابت واثنا عشر برجا / A ١٨٦ / وسبعة وعشرون منزلا وثلاثمائة وستّون درجة كلّها عقلية نورية ؛ وكما أنّ الموجودات الطبيعية والأصنام البرزخية بعضها كمال البعض وبعضها أعلى من بعض وبعضها أصل بعض وفرع بعض آخر وبعضها مفيض وبعضها مستفيض ، فكذلك الحال في أربابها العقلية النورية حتّى أنّ الأرض العقلية أنزل رتبة (١) من جميع الصور العقلية ، منزلتها منزلة قبول الآثار العقلية والأضواء المعنوية عمّا فوقها بلا زمان ومكان ؛ وربّ النوع الإنساني المسمّى بروح القدس أشرف أرباب ساير الأنواع الحيوانية والنباتية ، بل نسبته إليها كنسبة صاحب كلّ صنم إلى صنمه في كونه أصلا له.
والحاصل : أنّ هذا البعض من المتأخّرين جعل كلّ نوع متكثّر الأفراد أو منحصر في الفرد على قسمين :
أحدهما : حسّي جسماني
وثانيهما : عقلي نوري
فبإزاء جميع الأنواع الفلكية والعنصرية في العالم الأعلى أنواع نورية قائمة بذواتها هي أرباب الأنواع الجسمية ؛ فبإزاء الإنسان الحسّي مثلا إنسان مجرّد نوري في العالم العقلي هو فرد للطبيعة النوعية الإنسانية إلّا أنّه قائم بذاته ومقوّم للإنسان الحسّي وكلّ ما له من الصفات واللوازم يكون لهذا الإنسان العقلي أيضا إلّا أنّها عقلية ، كما أنّ ذاته وحقيقته أيضا عقلية ؛ وهكذا الحكم في جميع الأنواع الجسمية ؛ وأوّل المثل الأفلاطونية إلى الأنواع النورية بهذا المعني واستشهد على ذلك :
أوّلا : بقول الشيخ : «ظنّ قوم أنّ القسمة يوجب وجود شيئين في كلّ شيء كالإنسانين في معنى الإنسانية : إنسان فاسد محسوس وإنسان معقول مفارق
__________________
(١). س : لرتبة.