آخر بوجه أخسّ منه بوجه آخر.
ولا يتصوّر أن توجد أنوار قاهرة متكافئة بالمعني المذكور عن نور الأنوار دفعة بلا ترتيب ، لما مرّ من أنّ الواحد لا يصدر عنه إلّا الواحد ؛ فلا بدّ أن تصدر عنه أوّلا أنوار عقلية متوسّطة طولية لا تكافؤ بينها ، بل يكون كلّ عال علّة لما دونه وأشرف منه ولا تكون لها علّية للأصنام المتكافئة ، لاستحالة حصول المتكافئة من غير المتكافئة ، بل تصدر عنها أنوار عقلية عرضية متكافئة متكثّرة لأجل تكثّر مناسبات / A ١٨١ / أشعّة هذه القواهر الطولية وتكون هذه ـ أي العرضية المتكافئة ـ علل الأجسام المتكافئة.
ولكون بعضها أشرف من بعض بوجه وأخسّ منه بوجه آخر نظرا إلى اقتضاء كمال الأشعّة الفائضة من الأعلين ونقصها يقع مثل ذلك ـ أي الأشرفية من وجه والأخسّية من وجه ـ في معلولاتها ـ أعني الأجسام والطلسمات ـ ولذلك يكون نوع متسلّطا على نوع من وجه لا من جميع الوجوه ؛ فإنّ الإنسان متسلّط على الأسد من وجه والأسد متسلّط عليه من وجه آخر ؛ وكذا حكم جميع الأنواع الجسمية.
ولو كانت الترتيبات الجسمية في الأفلاك صادرة عن العقول المترتّبة الطولية لكان المرّيخ أشرف من الشمس والزهرة مطلقا ، لكون فلكه فوق فلكها وكذا من جميع ما تحته ، لما ذكر ؛ وليس كذلك ؛ فإنّ الفلكيات بعضها أعظم كوكبا وبعضها أعظم فلكا وبعضها أشرف من بعض وأخسّ منه بوجه ؛ فيجب أن يكون بين عللها وأربابها أيضا تكافؤ من هذه الوجوه ؛ إذ آثار المعلول مستفادة من آثار العلّة ؛ والفضائل الدائمة الثابتة لا تبتني على الاتّفاقات ، بل على مراتب العلل المستمرّة الوجود الدائمة الثابتة ؛ فلا بدّ أن يكون الأجسام العلوية والسفلية وتدبيراتها من النفوس الناطقة المجرّدة وما ينطبع فيها من النفوس والقوى الجزئية وأوصافها ولوازمها من غلبة بعضها على بعض وذلّة بعضها لبعض من التوالف والتحابب و