أوجده الله تعالى نورا ـ فيجتمع فيه النور الذاتي والأنوار العارضة ؛ فكما تنعكس منه الأنوار العارضة إلى ما تحته فكذلك ينعكس منه نوره الذاتي إليه تعالى بواسطة وبدونها ؛ فمع ملاحظة هذا النور يقال في بيان كمّية الأشعّة أنّ النور الأوّل يقبل الشعاع من نور الأنوار مرّة بلا واسطة ؛ والثاني يقبله منه ثلاث مرّات : مرّة منه بلا واسطة ومرّتين بواسطة نورى الأوّل السانح والذاتي ؛ والثالث يقبله منه سبع مرّات : مرّة منه بلا واسطة ومرّتين بواسطة نورى الأوّل وأربع مرّات بواسطة أنوار الثاني : الثلاثة السانحة والواحد الذاتي وهكذا.
فالأنوار كلّها بالنسبة إلى الواجب ذاتية إلّا أنّ ما يصل إلى كلّ عقل أزلا هو نوره الذاتي بلا واسطة وما يصل إليه بتوسّط غيره من العقول هو نور نوره الذاتي أو نور نور نوره الذاتي وهكذا.
وأمّا بالنسبة إلى العقول فهي عارضة فائضة (١) إليه بواسطة أو بدونها ؛ فكلّ نور سانح منه تعالى واقع واصل إلى واحد من العقول واقع منه على ما تحته يصدق عليه أنّه نور من الواجب وقع بوساطة هذا العقل على ما تحته ويصدق عليه أيضا أنّه نور عارض لهذا العقل أشرق منه على ما تحته.
فكما يصحّ نسبة إشراق هذه الأنوار السانحة إلى الواجب تعالى ـ كما ذكرناه ـ تصحّ نسبته إلى العقول ؛ فيقال في بيان تكثّر الانعكاسات : إنّ النور الأوّل يشرق عليه مرّة من نور الأوّل بنوره الذاتي بلا واسطة والثاني يشرق عليه ثلاث مرّات : مرّة من الواجب بلا واسطة ومرّتين من النور الأوّل الأقرب بنوره السانح والذاتي ؛ والثالث يشرق عليه سبع مرّات : مرّة من الواجب ومرّتين من الأوّل بنورية السانح والذاتي وأربع مرّات من الثاني ؛ وثمانية مرّات من الثالث وهكذا.
ولا تظنّن / A ١٧٦ / أنّ ما يصل إلى كلّ سافل من الأنوار السانحة يكون الفائضة
__________________
(١). س : الفائضة.