مرّتين من الثاني ومرّة من النور الأقرب ومرّة من نور الأنوار بلا واسطة ؛ وهكذا يقبل السادس اثنين وثلاثين مرّة والسابع أربع وستّين مرّة إلى أن يحصل ما لا يحصى كثرة ؛ لأنّ الأنوار المجرّدة العالية لا يحجب بين السافل وبين نور الأنوار ، لعدم الحجاب ؛ لأنّه من شاحية الأنوار وشواغل البرازخ ؛ فالشعاع الفائض من نور الأنوار الذي هو شمس عالم الأنوار واقع على جميعها لكنّ الواقع على كلّ عال لأكثرية استعداده أشدّ وأقوى من الواقع على السافل لقلّة استعداده ؛ ولذا ينعكس هذا الشعاع الواصل من نور الأنوار إلى العالي بواسطة أو بغير واسطة منه إلى السافل أيضا ؛ فيجتمع في كلّ سافل مع النور السانح الفائض إليه من نور الأنوار بغير واسطة جميع الأنوار السانحة الفائضة منه إلى العوالي بواسطة أو بدونها.
واعتبر ذلك من تقابل أجسام مضيئة أحدها في غاية الضياء والنورية وأشدّ الكلّ ضياء وثانيها (١) أضعف ضوءا منه والثالث أضعف ضوءا من الثاني وهكذا إلى ما لا أضعف منه ؛ كأن يفرض حصول المقابلة بين الشمس والزهرة والمشتري والشعرى والعيّوق وغيرها من الكواكب على نحو يكون ترتيب الوقوع فيها على ترتيب الأشدّية ضوءا (٢) بأن يكون أضوأ منها أقرب إلى الشمس ثمّ الأضوأ فالأضوأ إلى آخرها ؛ فإنّه لا ريب في أنّ شعاع الشمس يقع على جميعها بلا واسطة إلّا أنّ الواقع على الأقرب إليها أشدّ من الواقع على الأبعد منها ؛ ولذا ما يقع من شعاعها على الأقرب ينعكس منه إلى الأبعد ؛ فهذا العكس يصل إليه أيضا مضافا إلى ما وصل إليه من الشمس بلا / B ١٧٥ / واسطة.
ثمّ لا ريب في أنّه لكلّ عقل نور ذاتي مع قطع النظر عمّا ينعكس إليه من الأنوار السانحة الفائضة من نور الأنوار بواسطة أو بدونها ؛ لأنّه نور في نفسه ـ أي
__________________
(١). س : ثابتها.
(٢). س : اشد به ضوءها.