العقلية الصادرة عن العقول الطولية باعتبار الجهات المذكورة ونسبها المعنوية ساير الموجودات المثالية والجسمية وهيئاتها ونسبها وتخصيصاتها من الكواكب الثابتة والسيّارة والأصنام المثالية والأجسام العنصرية وتخصيصاتها في الوضع والقدر والحيّز وغير ذلك.
وبيان ذلك : أنّه قد تقدّم في المقدّمات أنّ لكلّ نور عال إشراقا (١) على النور السافل وقهرا (٢) وغلبة بالنسبة إليه ولكلّ نور سافل مشاهدة لكلّ نور عال ومحبّة وذلّة بالنسبة إليه ؛ وعلى هذا فكلّ واحد من الأنوار الطولية يشاهد نور الأنوار ويقع عليه شعاعه وإشراقه ، لما عرفت من أنّ الأنوار القاهرة ينعكس النور الشعاعي من بعضها على بعض ؛ فكلّ عال يشرق على ما تحته في أيّ مرتبة وبعد كان حتّى أنّ النور الأقرب يشرق على كلّ ما تحته إلى النور الأبعد ؛ فكلّ سافل يقبل الشعاع من نور الأنوار بتوسّط ما فوقه ؛ فالنور الأقرب يقبل النور السانح ـ أي الشعاع الفائض منه ـ مرّة بلا واسطة والنور الثاني يقبله منه مرّتين : مرّة بلا واسطة واخرى بواسطة النور الأقرب ؛ والنور الثالث يقبله منه أربع مرّات : مرّتين من انعكاس مرّتى صاحبه ـ أعني القاهر الثاني ؛ فإنّ الفائض عليه من الأشعّة كان شعاعين ؛ فينعكس كلّ منهما إلى القاهر الثالث ـ ومرّة من نور الأنوار بلا واسطة ومرّة من النور الأقرب أيضا بلا واسطة ؛ فهذه أربع مرّات ؛ والنور الرابع يقبله منه ـ أي من نور الأنوار ـ ثماني مرّات : أربع مرّات من انعكاس / A ١٧٥ / مرّات صاحبه وهو النور الثالث ومرّتين من انعكاس مرّتي الثاني ومرّة من النور الأقرب ومرّة من نور الأنوار بغير واسطة ؛ وهكذا تتضاعف الأنوار السانحة في النزول إلى حدّ تعجز القوى البشرية عن الإحاطة ؛ فإنّ النور الخامس يقبل من الشعاع الفائض ستّ عشر مرّة : ثمانى مرّات ينعكس عليه من الرابع وأربع مرّات من الثالث و
__________________
(١). س : اشراق.
(٢). س : قهر.