والجواب عنه بوجهين :
الأوّل : أنّ كلّ كمال ممكن في ذاته أو بالقياس إلى الغير ، بل كلّ كمال متصوّر ومعقول يجب أن يكون متحقّقا بالفعل في الواجب تعالى ؛ لأنّه في الكمال والشرافة فوق غير المتناهي بقدر الغير المتناهي ؛ فهذه الجهة التي فرضت أشرف ممّا عليه الواجب لو كانت ممكنة بالقياس إلى الممكن الأشرف وجب أن تكون موجودة في الواجب تعالى ؛ إذ بعد ما ثبت أنّه واجب الوجود من جميع الجهات وأنّه كلّ الأشياء الوجودية ـ أي يشتمل على جميع كمالات الممكنات ـ وأنّه غير المتناهي في الكمال لا يمكن ولا يتصوّر كمال بالقياس إلى شيء من الأشياء إلّا ويكون موجودا فيه. فالجهة الممكنة علّته بالقياس إلى الممكن الأشرف ، بل كلّ جهة كمالية متصوّرة تكون موجودة في الواجب تعالى ولا يكون فاقدا لها ؛ ولا تكون هذه الجهة ممتنعة لذاتها ، بل تكون واجبة لوجودها في الواجب تعالى ؛ فما هو الممتنع لذاته من الجهة التي يكون أشرف ممّا عليه الواجب هو ما لا يكون ممكنا بالقياس إلى شيء أصلا ، بل ما لا يمكن تصوّره وتعقّله ولا يدخل في مدرك من المدارك ؛ إذ كلّ كمال وشرافة يدركه أحد من المدارك يكون موجودا في الأوّل تعالى ؛ / B ١٦٨ / فقولهم : «الامتناع الذاتي يجامع الإمكان بالقياس إلى الغير والشيء الواحد يجوز أن يكون ممتنعا لذاته وممكنا بالقياس إلى الغير» إنّما هو إذا لم يوجب فرض إمكانه بالقياس إلى الغير وجوده في الواجب المقتضي لوجوبه المستلزم لخلاف الفرض ؛ أي خروجه من الامتناع الذاتي ، كما إذا اعتبر اجتماع النقيضين مثلا بالقياس إلى بعض الممكنات ؛ فإنّه لا يؤدّي ذلك إلى وجوده في الواجب حتّى يلزم خلاف الفرض.
الثاني : أنّ المجعول بالذات والصادر من الفاعل ـ كما عرفت ـ هو الوجود الخاصّ دون الماهيّة. نعم بعد صدوره يحلّله العقل إلى وجود وماهيّة ؛ فالماهية تابعة