خلاف الفرض ؛ لأنّ المفروض كون تلك المرتبة لا للموجود المطلق ؛ إذ المقصود من قولنا : «إنّ بسيط الحقيقة تمام الأشياء الوجودية» أنّ كلّ كمالات الأشياء التي هي كمال للموجود المطلق يتضمّنها بسيط الحقيقة ؛ فخلوّه عمّا ليس كمالا للموجود المطلق غير قادح في المطلوب ؛ فجميع ما يسلب عن الواجب من الصفات كالجسمية والجوهرية والعرضية والكمّية والكيفية من هذا القبيل ؛ أي ليس كمالا له ؛ فإنّ قولنا : «الواجب ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ولا كمّ ولا كيف» يرجع إلى سلب الأعدام والنقائص ؛ وسلب السلب وجود وسلب النقصان كمال الوجود.
[٢.] وإمّا لأنّها كمال للموجود المطلق ومع ذلك ليس الواجب تعالى قابلا له ؛ فذلك إنّما يتصوّر إذا كان له قصور في مراتب الوجود بحيث لا يكون من شأنه أن يتّصف بهذه المرتبة من الكمال ، كما أنّ الجسم في مراتب الوجود بحيث لا يمكن وليس من شأنه لقصوره أن يقبل الوجود النفسي وكذا النفس ليس لها قبول الوجود العقلي والعقل ليس له قبول الوجود الواجبى والعرض ليس له قبول الوجود الجوهري ؛ فيلزم / B ١٦١ / أن يكون الواجب أنقص من بعض الموجودات وأقلّ مرتبة منه ؛ وهو باطل.
فإذن يجب أن يكون بسيط الحقيقة تمام كلّ شيء. فواجب الوجود لكونه بسيط الحقيقة تمام كلّ الأشياء على وجه أشرف وألطف ؛ ولا يسلب عنه شيء إلّا النقائص والأعدام والإمكانات والماهيّات ؛ فهو تمام كلّ شيء وتمام الشيء أحقّ بذلك الشيء من نفسه ؛ فهو أحقّ من كلّ حقيقة بالصدق عليها.
والحاصل : أنّ الواجب ـ كما تقدّم ـ صرف الوجود والوجود المطلق ؛ فلا يتصوّر وجود يكون فوقه وأكمل منه ؛ فكلّ وجود يكون تحته وأضعف منه ؛ فيجب أن يكون مشتملا على كلّ الوجودات التي هي تحته وأضعف منه مع