الأصوات والحروف في بعض الأجسام ؛ فكونه متكلّما بهذا المعنى هو كونه قادرا على إحداث الكلام في جسم من الأجسام ، كما أن إطلاق المتكلّم بهذا المعنى علينا باعتبار قوّتنا على إحداث الكلام في بعض الأجسام التي لنا قدرة على تحريكها ، كالهواء وغيره.
ثمّ هذه (١) القدرة والقوّة وهو التكلّم بالمعنى الأوّل هي منشأ التكلّم بالمعني الثاني ؛ إذ إحداث الحروف والأصوات فرع القدرة عليه ؛ وهذه القدرة فينا ملكة قائمة بذواتنا نتمكّن بها من إلقاء ما في روعنا إلى الغير بإحداث الحروف والأصوات في الهواء ؛ وفي الواجب عين ذاته ، بمعنى أنّ ذاته بذاته هو منشأ إحداث الأصوات والحروف ومناط إيجادها من دون افتقار إلى صفة زائدة وملكة قائمة ، فيخلّفها في أىّ جسم يريد لإفادة ما في قضائه السابق على من يشاء من عباده.
وعلى هذا يكون التكلّم بهذا المعنى عين ذاته سبحانه ؛ أي ذاته بذاته هو منشأ الإلقاء الفعلي ؛ أي إحداث الحروف والأصوات في جسم من الأجسام لإعلام الغير.
وبما ذكر ظهر أنّ المتكلّم من قام به التكلّم ؛ وهذا أحد المعنيين الأوّلين ، لا من قام به الكلام ـ أي ما به التكلّم ـ أعني الحروف والأصوات.
ثمّ لا ريب في أنّ التكلّم بالمعنى الأوّل ـ أي / A ١٥٢ / القدرة على إيجاد الأصوات والحروف في جسم من الأجسام لإعلام الغير ـ ثابت له بالشرع والعقل ، لدلالة أدلّة عموم القدرة عليه ؛ وهو قديم ؛ لأنّه عين ذاته ؛ إذ معنى قدرته على إيجاد الأصوات والحروف أنّ ذاته بذاته منشأ لإيجادهما ، كما أنّ معنى قدرتنا عليه أنّ فينا ملكة قائمة بذواتنا بها نمكّن (٢) من إفادة مخزوناتنا العلمية إلى غيرنا.
__________________
(١). س : هذا.
(٢). س : يتمكن.