المسموعات كذلك ؛ وعلمه الحضوري الإشراقي وإن تعلّق بجميع المحسوسات من المشمومات والمذوقات والملموسات إلّا أنّ الشرع منع من إطلاق الشامّ والذائق واللامس عليه سبحانه وإنّما أجاز إطلاق مجرّد السميع والبصير عليه لكونهما ألطف الحواسّ وأقربها (١) إلى العلم وإشعار غيرهما بالملاصقة والملامسة والتجسّم وإرجاعهما إلى العلم الحصولي الكلّي قد ظهر فساده ممّا مرّ ، لخروج التشخّصات [و] التخصّصات حينئذ من علمه ؛ وحملهما على حقيقتهما ـ أعني الإدراكين الحسّيين المعروفين المعبّر عنهما بالإبصار والاستماع ـ يوجب النقص والقصور ، لتوقّفهما على الآلة وتأثّر الحاسّة والمباشرة وحصول نوع من القرب والمقابلة وخروج الشعاع أو الانطباع وغير ذلك ممّا هو من خواصّ الأجسام ؛ ولو لم يحمل على حقيقتهما وحملا على إحساس منزّه عن الآلة والانفعال وغيرهما من شرائط الرؤية لم يبق له معنى سوى العلم الحضوري الإشراقي ؛ إذ الإدراك على الوجه الجزئي مع كونه غير الإحساس بمعناه المعروف البديهي ليس إلّا الانكشاف الشهودي.
وبالجملة : كونهما زائدين على نفس العلم بالمسموعات والمبصرات على الوجه الجزئي لا يتصوّر إلّا بأن يكون إدراكهما / A ١٤٨ / بالإحساس ؛ إذ غيره في إدراكهما على الوجه الجزئي ليس إلّا العلم بهما على الوجه الإشراقي الشهودي ؛ وحقيقة الإحساس لا يحصل إلّا بتأثير الحاسّة وهو ممتنع في حقّه تعالى ؛ فلا يبقى لإدراكهما على الوجه الجزئي معني آخر سوى العلم على الوجه الجزئي الإشراقي.
والمحصّل : أنّ المراد بهما إمّا الإحساس المخصوص أو العلم بالمبصرات والمسموعات ؛ والأوّل لا يحصل إلّا بالآلة وتأثّر الحاسّة ولا يتصوّر ذلك في حقّه سبحانه ؛ فتعيّن الثاني ؛ أعني علمه تعالى بهما على الوجه الجزئي الحضوري و
__________________
(١). س : اقر بينها.