هو مدرك بذاته للمبصرات بصر ومن حيث هو مدرك للمسموعات بذاته سمع.
والحاصل : أنّ المعنى الحقيقي من السمع والبصر نفس ذاته بذاته وهو منشأ لانتزاع المعنى الإضافي عنهما ؛ أعني مفهوم علمه الإشراقي الشهودي بالمسموعات والمبصرات.
والزيادة عند الأشعري والعينية عند غيره مبنيّ على أخذ (١) كلّ منهما في مطلق العلم ، بل ساير الصفات.
وذهب أكثر المتكلّمين إلى أنّهما صفتان زائدتان على العلم مغايرتان له وهما الإدراكان الخاصّان البديهيّان المعبّر عنهما في العربية ب «الرؤية» و «الاستماع» وفي الفارسية ب «ديدن» و «شنيدن» وليس قولهم هذا مبنيّا على اعتقادهم التجسّم ومباشرة الأجسام ، بل على اعتقادهم على أنّ الإحساس في حقّه تعالى يحصل بلا آلة لبراءته عن القصور ؛ فإنّهم قالوا : احتياجنا في الإحساس إلى الآلة / B ١٤٧ / لعجزنا وقصورنا ؛ وذات الباري تعالى لبراءته عن القصور يحصل له بلا آلة ما لا يحصل لنا إلّا بها ؛ فتلك الأشياء التي ندركها (٢) نحن بالحواسّ الظاهرة والباطنة وبالقوى الجسمانية يدركها الواجب أيضا بهذا الوجه الذي ندركها (٣) لكن لا بالآلات المذكورة ، لغنائه عنها واحتياجنا إليه إنّما هو لقصورنا.
والحقّ رجوعهما إلى العلم الحضوري الجزئي بالمبصرات والمسموعات كما هو المشهور بين مشايخنا الإمامية ، بل ادّعى بعضهم وفاق أصحابنا عليه وكلام العلّامة الطوسي في شرح الرسالة صريح فيه وإن أمكن حمل عبارته في التجريد على مذهب المعتزلة ؛ وعلى هذا كما دلّت الشريعة النبوية والضرورة الدينية على ثبوتهما كذلك يدلّ العقل أيضا عليه ؛ إذ كلّ دليل عقلي يدلّ على كونه عالما بالأشياء على الوجه الجزئي يدلّ على كونه عالما بالمبصرات و
__________________
(١). س : اصل.
(٢). س : يدركها.
(٣). س : يدركها.