لأجل الداعي.
[الثالث :] إمكان الفعل والترك بالنظر إلى الداعي في وقت وإن وجب في وقت آخر. فالإمكان هنا إمكان وقوعي ولكنّه في وقت وإن كان وقتا موهوما لا في جميع الأوقات.
[الرابع :] إمكان الفعل والترك بالنظر إلى الداعي في جميع الأوقات ولو في آن الحدوث ؛ فالإمكان هنا إمكان وقوعي في جميع الأوقات ؛ والإيجاب المقابل له هو امتناع الترك من / B ١٣٦ / جهة لزوم الداعي ونحوه من شرائط التأثير في وقت من الأوقات ؛ ويعبّر عنه بالإيجاب الخاصّ.
وإذ عرفت ذلك فاعلم أنّ القدرة بالمعنى الأخير ممّا تفرّد بإثباته الأشاعرة ونفاه الفلاسفة والمعتزلة جميعا إلّا أنّ المعتزلة لقولهم بالحدوث الزماني ووقوع الترك في زمان موهوم غير متناه لعدم وجود الداعي فيه قالوا بالإيجاب الخاصّ المقابل له ؛ أعني امتناع الترك في وقت وجود الداعي وهو وقت حدوث العالم ؛ والفلاسفة لقولهم بالحدوث الذاتي وعدم وقوع الترك في وقت من الأوقات قالوا بالإيجاب المطلق ؛ أعني امتناع الترك في جميع الأوقات لأزلية الداعي.
ثمّ الأشاعرة إنّما أثبتوا القدرة بهذا المعنى للواجب تعالى لنفيهم الإيجاب مطلقا وتجويزهم الترجيح بلا مرجّح ؛ فقالوا : أوجد الله تعالى العالم في الوقت الذي أراد في الأزل أن يوجده فيه بدون مرجّح سوى تعلّق الإرادة ؛ وبالإرادة لا يجب الفعل ، بل كان له أن لا يوجد العالم ؛ لأنّه لا يسأل عمّا يفعل ؛ ولا ريب في بطلان ما ذهبوا إليه ؛ لأنّ الفعل ما لم يجب لم يوجد ؛ واختيار الفاعل المختار أحد الطرفين بمجرّد الإرادة من دون مرجّح ظاهر البطلان ؛ فالحقّ انتفاء القدرة بهذا المعنى عنه تعالى.
وأمّا القدرة بالمعنى الثالث ـ أي إمكان الصدور واللاصدور بالنظر إلى