[الثاني :] أنّ العامّ ينتزع عن كلّ شيء وتحقّق المنتزع عنه لازم. فتحقّقه إمّا بنفس هذا الانتزاع أو بالوجود أو غيره.
والأوّل : يوجب الدور أو التسلسل.
والثانى : المطلوب.
والثالث : بيّن الفساد ؛ إذ غير الوجود لا يتحقّق ولا يحقّق.
وبذلك نعلم أنّ منشئية الماهيّة الخارجية لانتزاع العامّ كتحقّقها من الخاصّ.
[الثالث :] أنّ الوجود / A ١٠ / لو لم تكن له أفراد حقيقية سوى الحصص لما اتّصف بلوازم الماهيّات المتخالفة مع أنّ وجود الواجب متّصف بالغنى ووجود الممكن بالفقر ، وهما من لوازمهما ؛ والحصص لعدم اختلافها وكون الكلّي مطلقا بالقياس إليها غير متفاوت لا يمكن اتّصافها بالمتخالفات. فلا بدّ أن تكون له أفراد واقعية يتّصف بها.
ولقائل أن يقول : المتّصف بهما وبأمثالهما هو الماهيّة دون الوجود ؛ إذ المراد بهما استغناؤها وافتقارها في الاتّصاف بالوجود من السبب ذاتية.
فإن قيل : «لا معنى لاستغناء الماهيّة من حيث هي عن العلّة في الموجودية» نرجع إلى بعض الأدلّة السابقة.
[الرابع :] أنّ الوجود لو لم تكن له حقيقة عينية بها موجودية الأشياء وكان موجوديتها بنفس ماهيّاتها لم يتحقّق بينها حمل متعارف ، نحو : «زيد إنسان». إذ مفاد هذا الحمل هو الاتّحاد بين المتغائرين مفهوما في الوجود ؛ والوجود الذي هو ما به الاتّحاد لا يمكن أن يكون هو العامّ المنتزع ؛ لأنّه في الوحدة والتعدّد تابع لما اضيف إليه من الماهيّات والمعاني ، والفرض تعدّد الموضوع والمحمول في الماهيّة. فاتّحادهما في الخارج لا يمكن أن يكون به. إذ اتّحاده باتّحادهما. فالعكس يوجب الدور. فلا بدّ أن يكون بالوجود الخاصّ المتحقّق بنفسه من دون احتياجه