مفصّلا.» (١)
ثمّ على كونه ذا حقيقة دون غيره سوى ما مرّ شواهد قطعية اخر :
[الأوّل :] أنّه لو وجد غيره في الخارج فتحقّقه فيه بنفسه بلا اعتبار الوجود ممتنع ؛ ومعه :
إن كان الوجود المعتبر زائدا عليه لزم أن يكون موجودا بدونه. إذ ثبوت شيء لآخر فرع ثبوت المثبت له ؛ فننقل الكلام إلى الوجود المتقدّم ؛ فيلزم التسلسل.
وإن كان جزءا له فالجزء الآخر إن تحقّق بدونه كان له وجود آخر ؛ فننقل الكلام إليه ويلزم التسلسل.
وإن كان تحقّق الجزء الآخر به ؛ فهو الموجود بالذات والمتحقّق بالأصالة وغيره متحقّق به ؛ وهو المطلوب. فما في الخارج من الحقائق إن كان صرف الوجود ـ كوجود الواجب ـ فلا تحقّق فيه لغير الوجود بوجه ؛ وإن كان وجودا ذا ماهيّة ـ كالوجودات الخاصّة الممكنة ـ فالمتحقّق منه بالذات هو الوجود من دون عروضه للماهيّة أو زيادته عليها حتّى يلزم منه ثبوتها بدونه أو النقض في الفرعية ؛ إذ تحقّقه راجع إلى ثبوت الشيء لا ثبوته للشيء. فهو بعد صدوره ثابت بنفسه متحقّق بذاته من دون توقّف تحقّقه على شيء آخر ، بخلاف الماهيّة ؛ فإنّها منتزعة منه متحقّقة بتبعيته لا كتبعية الموجود للوجود ، بل كتبعية الشبح لذي الشبح والظلّ للشخص.
وبالجملة : هو الموجود بالحقيقة دون الماهيّة ، كما أنّ المضاف بالحقيقة هو نفس الإضافة دون معروضها ؛ ولذا قيل : الفطرة السليمة تشهد بأنّ الماهيّة إذا كانت موجودة بنفس وجودها لا بوجود آخر قبل وجودها يكون الموجود بالذات وبالأصالة منهما هو الوجود دونها ، كما أنّ المضاف بالأصالة نفس الإضافة دون معروضها. فوجودها بوجوده ولولاه لما شمّت رائحة الوجود.
__________________
(١). التحصيل ، صص ٢٨١ ـ ٢٨٠.