تجدّدها وحدوثها وانتفائها نقصا وتغيّرا في ذاته الأقدس.
وبالجملة : عدم علم الواجب بالأشياء قبل إيجادها بالعلم الحضوري ليس نقصا له تعالى ، كما أنّ حصوله قبله وبعده ليس كمالا له ؛ ففرض عدم انكشاف الحوادث له قبل وجودها وتجدّد الإضافة الإشراقية بعده وإن لم يوجب نقصا فيه تعالى إلّا أنّ الحقّ أنّ عدم انكشاف الحوادث وغيرها (١) له تعالى إنّما هو في مرتبة الذات وتأخّره عن وجوده سبحانه إنّما هو بالذات لا بالزمان أيضا ؛ ولم يذهب أحد إلى لزوم تحقّق الانكشاف في مرتبة الذات ؛ لأنّ هذا ممّا أنكره العقل والشرع ؛ إذ الانكشاف صفة إضافية ناشية عن الذات ومعلولة لها ، فكيف يكون في مرتبتها؟! وكيف يجوز أن تكون هذه الصفة غير معلولة له تعالى مع أنّ القواطع العقلية والنقلية مصرّحة بأنّ ما عدا ذاته تعالى من الذوات والصفات العينية والاعتبارية معلولة له تعالى بلا واسطة أو بواسطة؟!
وبالجملة : لا خلاف بين العقلاء في كون العلم الحضوري الإشراقي للواجب مطلقا معلولا له ومتأخّرا عن مرتبة الذات وإنّما الكلام في أنّ هذا العلم بالحوادث إنّما يتجدّد بحدوثها حتّى يكون تأخّره عن الذات تأخّرا زمانيا أو يكون حاصلا له تعالى قبل حدوثها حتّى يكون تأخّره بمجرّد التأخّر الذاتي؟!
والحقّ هو الثاني وتحقّقه له قبل إيجاد الحوادث لا لأنّ عدمه قبله نقص له تعالى لما ذكرناه ، بل لأمرين آخرين :
أحدهما : أنّ جميع صور الموجودات الكلّية والجزئية على ما عليه الوجود مرتسمة في المعلول الأوّل الذي تأخّره عن الواجب إنّما هو في مجرّد مرتبة الذات عند الحكيم ؛ والواجب تعقّل هذا المعلول مع تلك الصور لا بصور غيرها ، بل بأعيانها ؛ أي تكون مشاهدة له منكشفة عنده ؛ فبمجرّد صدور أوّل المعلومات الذي
__________________
(١). س : غيرنا.