وأمّا الحصولي فلا يشترط فيه وجود المعلوم في الخارج ؛ لأنّه إمّا فعلي أو انفعالي ؛ والفعلي إمّا حقيقي أو غير حقيقي.
والحقيقي ما يتمثّل في ذات العلّة الحقيقية من صور معلولاتها قبل وجودها في الخارج ويصير هذا التمثّل منشأ لإيجادها في الخارج ؛ فإنّ العلّة الحقيقية ـ أي الفاعل / A ١٢٢ / التامّ ـ بعد تعقّل ذاتها بذاتها يتقرّر في ذاتها ما يصدر عنها من المعلولات بصورها وحقائقها وما يترتّب عليها من اللوازم والآثار والتناسب والتخالف وما ينتزع عنها من المعاني الكلّية على وجه كلّي متقدّس عن التغيّر والتبدّل.
وغير الحقيقي ما يرتسم في ذوات العلل المعدّة من الصور المخترعة للأشياء بعد ملاحظة أشباهها ونظائرها في الخارج ؛ وذلك كارتسام صور الأبنية الخاصّة المخترعة في نفس البناء بعد ما شاهد في الخارج ما يشابهها من أنواع الأبنية وموادّها وصورها ؛ وهذا الفعلي كأنّه مأخوذ من الانفعالي.
والانفعالي ما ينتزع عن الأشياء الخارجية من صورها وحقائقها ولوازمها وآثارها وما بينها من التخالف والتناسب وما يتعلّق بها من المعاني الكلّية ؛ وذلك كعلومنا بالأعيان الخارجية ؛ فإنّا لمّا شاهدناها ارتسم في نفوسنا صورها ثمّ أدركنا حقائقها وما يترتّب عليها من الخواصّ والآثار والمناسبات وأسباب الاتّفاقات والاختلافات.
فالفعلي (١) الحقيقي لا يتوقّف على وجود المعلوم مطلقا وغير الحقيقي لا يتوقّف على وجود شخصه وإن توقّف على وجود نوعه وشبهه ؛ والانفعالي يتوقّف على وجود شخص المعلوم في الخارج.
ثمّ الحصولي الفعلي لا يكون إلّا على وجه كلّي والانفعالي ما يأخذه الحواسّ
__________________
(١). س : فالفعلى.