الحقيقي وضمّ إليه المشخّص ـ أعني الوجود الخاصّ ـ صار موجودا في الخارج بمعنى أنّ الخاصّ إذا تحقّق فيه تحقّقت الماهيّة النوعية في ضمنه.
ثمّ القائل بأصالة الماهيّة يقول : «انضمام كلّ فصل إلى الماهيّة يخرجها عن نوع إبهام وعدم تحصّل إلى نوع وجود وتعيّن في العقل حتّى إذا وصلت إلى ماهيّة نوعية استحقّت لانضمام الفصل الأخير ـ أعني المشخّص ـ إليه ؛ فينضمّ إليها المشخّص بأحد المعاني المردودة من العوارض الخارجية أو غيرها ؛ فتصير موجودة في الخارج.» وقد عرفت فساد هذا القول.
وأمّا على ما اخترناه من أصالة الوجود فموجودية الماهيّة النوعية في الخارج ليست بضمّ شيء من الأمور المذكورة إليها ، بل بصدور الوجودات الخاصّة التي هي أفرادها وانتزاع هذه الماهيّة عنها. فإنّ كلّ ماهيّة جنسية أو نوعية إنّما يكون وجوده بوجود المشخّص الخارجي ـ أعني الوجود الخاصّ ـ فإنّ حقيقة كلّ شخص هو وجوده الخاصّ وهو مجهول الكنه وإنّما / B ٨ / ينتزع عنه الوجود العامّ وماهيّته الخاصّة ؛ والفرق بين المنتزعين أنّ العامّ لا تحقّق له في الخارج أصلا ، والماهيّة متحقّقة فيه بتحقّقه كما يأتي.
ثمّ كلّ وجود خاصّ ينتزع عنه العامّ وماهيّة يقال إنّه فرده وفردها مع أنّه في الحقيقة ليس فردا لشيء منهما ، لكون الوجودات الخاصّة متباينة بأنفسها وما يشترك بينها ـ أعني الماهيّة والعامّ ـ منتزع عنها ليس ذاتيا لها حتّى تكون أفرادا له. فالوجودات الخاصّة المندرجة تحت ماهيّة نوعية واحدة تشترك عندنا في الماهيّة والعامّ وتختلف بحقائقها ، والمندرجة تحت نوعين كوجودات أفراد الإنسان ووجودات أفراد الفرس تختلف بأنفسها وبالماهيّة وتشترك في مجرّد العامّ ؛ وعند القائل بأصالة الماهيّة فالوجودات الأولى لا تختلف بحقائقها ؛ إذ حقيقتها الماهيّة وهي في الكلّ متّحدة ؛ والثانية تختلف بالحقيقة لاختلاف الحقيقة ، أعني الماهيّة.