بالنظر إليها تشكيك في الذاتي. فالوجودات الخاصّة الممكنة تختلف أعراضها القائمة بها في الذاتي وإن لم يختلف أنفسها. فكما يمكن اختلافها في الوجوه المذكورة بالنظر إلى أوصافها العرضية الاعتبارية وما ينتزع عنها من الماهيّة يمكن اختلافها فيها بالنظر إلى الأعراض المتحقّقة القائمة بها وإن لم يختلف أنفسها فيها أصلا.
فإن قيل : أفراد هذه العوارض كسائر الأفراد الموجودة لها وجود خاصّ وماهيّة ، ووجوداتها الخاصّة مجهولة بكنهها مختلفة بأنفسها غير مشتركة في ذاتي ؛ فكيف جعلتها أفرادا واقعية للمشكّك ، أعنى السواد؟!
قلنا : المشكّك ماهيّة السواد ، وما اخذ أفرادا واقعية هي أفراد هذه الماهيّة المتحقّقة في ضمن وجوداتها الخاصّة دون نفسها. فالمراد أنّ هذه الأفراد أفراد واقعية لماهيّة مقولة بالتشكيك. فهي تتّصف بوجوه التشكيك أوّلا وبالذات ، وأفراد الجسم ـ أعني وجوداته الخاصّة ـ تتّصف بها ثانيا وبالعرض نظرا إلى القيام والمحلّية.
ثمّ المشّاءون لعدم تجويزهم التشكيك في الذاتي يلزمهم كون التشكيك في السواد بالنظر إلى محالّه ـ أعني أفراد الجسم ـ لا بالنظر إلى أفراد السواد القائمة به ، لكون السواد ذاتيا لأفراده مع أنّ الضرورة قاضية باشتراك هذه الأفراد في حقيقة السواد ، واختلافها فيه بالوجوه المذكورة كلّا أو بعضا. فهذا ممّا يبطل قولهم ويثبت قول الإشراقي.
ولو قيل : على ما ذكرت من عدم اشتراك الوجودات / A ٨ / الخاصّة في ذاتي تختلف فيه أيضا بالوجوه المذكورة وكون اختلافها بها بالنظر إلى أوصافها العرضية يلزم عدم صحّة الحكم بكون بعضها من حيث الذات أقدم أو أكمل أو أقوى من بعض آخر مع أنّا نعلم أنّ وجود الواجب بحقيقته الحقّة مع قطع النظر عن