متضادّة كالبسط والقبض في الأعضاء وكالتعويج والتقويم فيها والسرعة والبطء لمّا كانت مجموعة منتظمة متناسبة متناجذة مع ما لها من النظم العجيب والرصف الأنيق الذي سير الناظر إليه يدلّ على أنّ وحدتها التأليفية ظلّ لوحدة طبيعية واحدة ؛ ولو لم يكن كذلك لم يكن ملتئمة متناسبة ، بل كانت مختلّة النظم متبدّدة الوضع ؛ كذلك كون جبلّة العالم مع تفنّن حركاتها وتخالف أشكالها وتغيّر آثارها المتولّدة من الأجسام العالية الأجسام والسافلة مؤسّسة على الايتلاف الطبيعي والرصف الحكمي دالّة بوحدتها الطبيعة الاجتماعية على الوحدة الحقّة الحقيقية.
فإن قلت : لم لا يجوز أن يتعدّد الواجب بأن يكونا اثنين مثلا ويتّفقا على أن يوجد أحدهما هذا العالم المحسوس والمعقول والآخر عالما آخر لا علم لنا به أو يوجد أحدهما السماء والآخر الأرض أو يوجد أحدهما الموجودات بأسرها والآخر لا يوجد / A ١٠٨ / شيئا مع كونه واجبا قديما؟
قلنا : هذه الاحتمالات الثلاثة باطلة :
أمّا الأوّل : فلما ثبت في محلّه من استحالة وجود عالمين في بقعة الإمكان ومن كون العالم بجملته وكثرته عالما واحدا أجزائه مرتبطة بعضها ببعض وليس في الوجود عالم آخر سوى هذا العالم المشاهد المحسوس والمعقول. على أنّه لو سلّم جواز وجود عالمين أو أكثر نقول : إيجاد العالم الآخر إن كان صفة كمال فأحد الواجبين يكون فاقدا لها وهذا نقص لا يليق بواجب الوجود لذاته ؛ وإن لم يكن صفة كمال فالواجب الآخر يجب أن يكون منزّها عنه مع أنّ كلّ واجب فرض يجب أن يكون مساويا لواجب آخر فرض في الذات والصفات الكمالية وعلى اختصاص كلّ من الواجبين بإيجاد عالم يلزم اختلافهما في الصفات والكمالات.
وأمّا الثاني : فلما ذكرناه في الأدلّة.