عندهم إلّا في التصحيح والإعداد دون التأثير والإيجاد كما توهّمه أبو البركات من ظاهر كلامهم وشنّع به عليهم.
وقد صرّح بما ذكرناه المحقّقون من الحكماء.
قال الشيخ الرئيس / B ١٠٦ / في الإشارات : «إنّ الأوّل يبدع (١) جوهرا عقليا هو بالحقيقة مبدع وبتوسّطه جوهرا عقليا وجرما سماويا.» (٢)
وقال الشيخ الإلهي في الهياكل النورية : «ليس أنّ حركات الأفلاك توجد الأشياء ولكنّها تحصل الاستعدادات ويعطي الحقّ الأوّل لكلّ شيء ما يليق باستعداده.» (٣)
وقال أيضا : «والجواهر العقلية وإن كانت فعّالة إلّا أنّها وسائط جود الأوّل وهو الفاعل وكما أنّ النور القويّ لا يمكن النور الضعيف من الاستقلال بالإنارة فالقوّة القاهرة الواجبة لا تمكن الوسائط لوفور فيضه وكمال قوّته.» (٤)
وقال صاحب التحصيل : «وإن سألت الحقّ فلا يصحّ أن تكون علّة الوجود إلّا ما هو بريء من كلّ وجه من معنى ما بالقوّة ؛ وهذا هو صفة الأوّل لا غير ؛ إذ لو كان تفيد الوجود ما فيه معنى بالقوّة سواء كان عقلا أو جسما كان للعدم شركة في إفادة الوجود وكان لما بالقوّة شركة في إخراج الشيء من القوّة إلى الفعل.» (٥)
وقال الفخر الرازي : «الحقّ عندي أنّه لا مانع من استناد كلّ الممكنات إلى الله تعالى لكنّها على ضربين : منها ما إمكانه اللازم لماهيّته كاف في صدوره عن الباري تعالى ؛ فلا جرم أن يكون فائضا عنه من غير شرط ؛ ومنها ما لا يكفي إمكانه ، بل لا بدّ من حدوث أمر قبله لتكون الامور السابقة مقرّبة للعلّة المفيضة إلى الامور
__________________
(١). س : يبدأ.
(٢). الإشارات والتنبيهات ، ج ٣ ، ص ٢٥٤.
(٣). هياكل النور ، صص ٩١ ـ ٩٠.
(٤). مع تفاوت ما في المصدر السابق ، ص ٨٣.
(٥). التحصيل ، صص ٥٢٢ ـ ٥٢١.