سبحانه في وجوب الوجود واشترك معه فيه غيره كان ناقصا ؛ إذ المعيّة يوجب / A ١٠٦ / المساواة في الرتبة [و] النقصان (١) في الكمال.
وهذا الدليل وإن لم يكن من البرهانيات وأمكن أن يناقش فيه بعض المناقشات إلّا أنّه عند الذوق السليم في غاية المتانة ومن وصل إلى مقام التجرّد وشمّ روائح ابتهاجات عالم الأنوار والمجرّدات يراه أقوى من أكثر أدلّة المقام هذا.
[أمّا الثاني :] أعني التوحيد الالوهي المعبّر عنه بالتوحيد الفعلي أي تفرّده بصنع العالم وكون الإله المؤثّر في العالم واحدا ؛ فالدليل عليه أنّه بعد ما ثبت التوحيد الالوهي بمعنى تفرّده بوجوب الوجود يثبت استناد جميع الموجودات الإمكانية إليه وصدورها منه ولا ينافيه تحلّل الوسائط ؛ لأنّها شروط ومعدّات ؛ وأصل الإفاضة والإيجاد منه تعالى ؛ لأنّه لمّا ثبت أنّ الواجب بذاته هو الوجود الحقيقي والموجود في حدّ ذاته وغيره ليس موجودا في نفسه وإنّما يكون موجوديته باعتبار انتسابه إليه وارتباطه به وأنّ التأثير والإيجاد حقيقة إنّما هو إفادة الفاعل ذات المعلول متعلّقة ومرتبطة بنفسه بحيث يصير ارتباطها به مبدأ لانتزاع الوجود منها ومصداقا لحمل الموجود عليها ؛ إذ الشيء ما لم يكن موجودا في نفس حقيقته لا يصير غيرها بارتباطه به موجودا ؛ وقد يثبت أنّ التأثير والإيجاد الحقيقي والفاعلية الحقيقية يختصّ بواجب الوجود الحقيقي (٢) وهو واحد كما قرّرناه ؛ فلا مؤثّر في الوجود إلّا هو ؛ وكما أنّ كونه موجودا حقيقيا لا غير لا يوجب أن لا يكون غيره موجودا أصلا كذلك كونه موجدا حقيقيا لا غير لا يوجب أن لا يكون غيره شرطا في التأثير وإنّما يلزم منه نفي التأثير والفاعلية عن غيره لكون الوجود مطلقا معلولا له تعالى [و] لا ينافي إثبات الوسائط والروابط مثل العقول والنفوس والقوى كما ذهب إليه الحكماء ؛ إذ لا تأثير للوسائط
__________________
(١). س : نقصان.
(٢). س : + يختص به تعالى.