وتلك الفصول والمشخّصات لا بدّ أن تكون ممتازة بعضها عن بعض إمّا بأنفسها أو لاتّصافها بصفات هي ممتازة بأنفسها كالتقدّم والتأخّر وإن كانت عرضية ؛ فعلى ما قرّرناه من استلزام ما به الاشتراك العرضي لما به الاشتراك الذاتي لا بدّ أن يكون تعدّد أفرادها بالفصول والمشخّصات. نعم على ما ذهب إليه الأكثر من منع هذا الاستلزام يجوز أن يكون تعدّد أفرادها بأنفسها ؛ إذ على هذا يجوز أن يكون ذلك المشترك العرضي منتزعا من ذاتين / B ١٠٢ / بسيطتين متباينتين من كلّ وجه غير مشتركين في ذاتي أصلا ويكونان فردين لذلك المشترك العرضي باعتبار عروضه لهما وانتزاعه عنهما وصدقه عليهما.
وبالجملة : الطبيعة الواحدة إذا كانت إحدى الثلاثة المذكورة يجوز تعدّدها بأحد الوجوه المسطورة إلّا أنّ شيئا منها لا يمكن أن يكون واجبا ؛ إذ الجنسية والنوعية والعرضية ينافي الواجبية ـ كما عرفت من كلماتنا السالفة ـ وأمّا إذا لم يكن شيئا من هذه الثلاث (١) ، لم يكن كلّية ولا جزئية أيضا ؛ إذ الكلّية والجزئية إنّما يوجد في ذوات الماهيّات ؛ وصرف الوجود الحقّ متقدّم عنها ؛ فلا يمكن تعدّدها وتكثّرها ؛ إذ تلك الحقيقة حقيقة واحدة وحدته ذاتية متعيّنة بنفسها متشخّصة بذاتها مطلقة إطلاقا لا ينافي وحدتها ، بل يكون إطلاقها على وحدتها وكمال فرديتها ؛ فهي تستدعي بذاتها تشخّصها وتعيّنها ؛ فلا يمكن تعدّدها وتكثّرها وإن كان شيء واحد باعتبار واحد عن نفسه ولكان الواحد من حيث وحدته الذاتية متعدّدا من حيث التعدّد الذاتي ، وهذا محال ؛ إذ لا يعقل كون الشيء الواحد عين نفسه وغيره وواحدا ومتعدّدا ؛ فيثبت من ذلك أنّ صرف الوجود المطلق الذي هو الواجب واحد لا شريك له ويستحيل تعدّده.
وبتقرير آخر نقول : كما أنّ للوجود معنيين :
__________________
(١). س : + بل.