القولان في طرفي / B ١٠١ / الإفراط والتفريط ؛ وهما باطلان.
ويرد على الأوّل أنّ تلك الصفات الزائدة إن كانت معلولة لغيره تعالى كان ذاته تعالى في صفاته الكمالية محتاجا إلى غيرها ؛ وإن كانت معلولة له تعالى لزم كونه فاعلا وقابلا معا ؛ وإن كانت واجبة لزم تعدّد القدماء والاحتياج إلى الغير أيضا.
وأمّا القول الثاني فهو يوجب التعطيل وينافي القواطع العقلية الدالّة على وجوب اتّصافه بالصفات الكمالية والنعوت الجلالية والجمالية ؛ ويخالف الظواهر المتواترة من الكتاب والسنّة المصرّحة باتّصافه بالأوصاف الكمالية ؛ وأمّا ما ورد في كلامهم من نفي (١) الصفات عنه تعالى كقوله عليهالسلام : «كمال الإخلاص نفي الصفات عنه» (٢) وقوله : «إنّ نظام توحيد الله نفي الصفات عنه تعالى» فالمراد به نفي الصفات الزائدة ؛ فهو يبطل قول الأشعري.
وما ورد عنهم في رجوع تلك الصفات إلى السلوب فمرادهم به أنّه لو اطلقت هذه الصفات عليه إطلاقا ثبوتيا فربّما توهّم أنّه مثل الإطلاق في الممكنات في أنّ مناطها ومنشأ انتزاعها غير ذاته ؛ فلأجل هذا التوهّم أرجعوها إلى السلوب وأوّلوها إليها ؛ والغرض أنّهم عليهمالسلام أرجعوها إلى السلوب لئلّا يتوهّم زيادتها ؛ إذ إطلاق الصفات بالمعنيين ـ أي المعنى الحقيقي الكمالي والمعنى الانتزاعي ـ عليه تعالى إطلاقا ثبوتيا في كلامهم أكثر من أن يحصى ؛ ولذلك وللإشارة إلى أنّ صفات الممكنات من تجلّيات (٣) صفاته ـ كما أنّ ذواتهم ووجوداتهم من تجلّيات ذاته ووجوده ـ وإلى أولوية العلّة باتّصافها بتلك الصفات من المعلول ورد عنهم عليهمالسلام ما يدلّ على أنّه تعالى «حيّ» بمعنى واهب الحياة للعالمين و «عالم» بمعنى واهب العلم للعالمين و «قادر» بمعني واهب القدرة للقادرين وأمثال ذلك ؛ ولا دلالة حينئذ لشيء من هذه الأخبار على الاشتراك اللفظي كما توهّمه بعضهم.
__________________
(١). س : تقى.
(٢). نهج البلاغة ، خطبة ١.
(٣). س : تحميلات.