بمعنى أنّ الذات بذاته بلا واسطة شيء مبدأ لها ومنشأ لانتزاعها ؛ ولو توقّف المنشئية فيها على غيره لزم النقص ؛ وأمّا الصفات الإضافية فلا يلزم كون الذات وحده منشأ لانتزاعها ، بل المنشأ هو الذات بواسطة فعل صادر عنه ؛ وهذا معنى زيادتها عليه ؛ وتعدّدها وتكثّرها لا يوجب تعدّد الجهات في ذاته تعالى ، لما ذكرنا.
وشيء من مفهومات هذه الصفات ـ سواء كانت كمالية أو إضافية ـ ليس كمالا للواجب لمعلوليتها وانتزاعها عنه ، بل كماله ومجده بكونه في ذاته بحيث تنشأ منه هذه الصفات بلا واسطة أو بواسطة ؛ أي كماله وعلوّه بنفس ذاته لا بشيء آخر ؛ ولذلك كون الصفات الإضافية متكثّرة زائدة على ذاته لا يخلّ بوحدانيته ؛ إذ كمال الذات ينحصر بالذات وغيره ليس كمالا له وداخلا في حقيقته ؛ فزيادته بمعني توقّف صدوره على واسطة ؛ وتكثّره لا يوجب افتقار الذات ولا تكثّره ؛ وقد عرفت أنّ صفاته الإضافية لا يتكثّر معناها ولا يختلف مقتضاها وإن كانت زائدة على ذاته ؛ لأنّ إضافاته مع اختلافها وتعدّد أساميها يرجع إلى معنى واحد [وجهة] واحدة هي قيّوميته الإيجابية للأشياء ؛ فمبدئيته بعينه رازقيته وبالعكس وهما لطفه ورحمته وبالعكس وهكذا في جميعها ؛ وإلّا صار (١) اختلافها وتكثّرها إلى اختلاف ذاته ؛ وكذا جميع السلوب يرجع إلى معنى واحد هو سلب الإمكان ؛ ولذا قال الشيخ الإلهي : «وممّا يجب أن تعلمه وتحفظه أنّه لا يجوز أن تلحق الواجب إضافات مختلفة يوجب اختلاف حيثيات فيه ، بل له إضافة واحدة هي المبدئية يصحّ جميع الإضافات كالرزّاقية والمصوّرية ونحوهما ولاسلوب منه (٢) كذلك ، بل له سلب واحد يتبعه جميعها وهو سلب الإمكان ؛ فإنّه / B ١٠٠ / يدخل تحته سلب الجسمية والعرضية وغيرهما ، كما يدخل تحت سلب الجمادية عن الإنسان سلب الحجرية والمدرية عنه وإن كانت السلوب لا تتكثّر على كلّ حال.
__________________
(١). س : والاثارى.
(٢). س : فمنه.