فظهر أنّ إضافته إلى الأشياء إضافة واحدة مطلقة بحسب المعنى وهذه الإضافة كذاته تعالى لا يتغيّر بتغيّر ما اضيف إليه من حيث إنّها إضافة مطلقة وإن تغيّرت بحسب تغيّرها في أنفسها من حيث إضافة متخصّصة بهما ؛ لأنّ تلك الصفات تستلزم التعلّق إلى أمر كلّي ومرزوق كلّي وغيرهما بالذات وإلى الجزئيات المندرجة تحت ذلك الكلّي بالعرض ؛ وهذا الأمر الكلّي الذي هو متعلّق الصفة بالذات لا تتغيّر أصلا ومن هذه الحيثية لا تتغيّر الصفة أيضا مطلقا ولتغيّر الجزئيات المندرجة تحته تتغيّر الإضافات الجزئية العرضية ؛ فصفاته الإضافية وإن كانت زائدة على ذاته تعالى لكنّها لا تختلف بحسب معانيها في أنفسها حتّى يوجب تكثّر حيثيات في ذات الأوّل تعالى والتجدّدات الواقعة فيها إنّما هي بالقياس إلى الأشياء المتعلّقة من حيث تجدّدها وتعدّدها في أنفسها أو بقياس بعضها إلى بعض ؛ وأمّا بالنسبة إلى الأوّل تعالى فليست إلّا واحدة غير متجدّدة ؛ فإضافته تعالى إلى الأشياء إضافة واحدة ثابتة بحسب المعني وهي :
[١.] إمّا مترتّبة بالترتّب السببي والمسبّبي على حسب ترتّب معلولاته ؛ وهذا في السلسلة الطولية ؛ فإنّ المبدئية المطلقة المندرجة تحته جميع الصفات الإضافية من الخالقية والراحمية والقهر والغلبة وغير ذلك يتعلّق أوّلا بالصادر الأوّل وبتوسّطه بالثاني ثمّ بالثالث وهكذا إلى أواخر السلسلة الطولية ؛ وهذا لا يوجب تكثّرا في ذاته تعالى ، كما لا يوجب صدور الأشياء الكثيرة المترتّبة تكثّرا في ذاته ؛ وهذا معنى قول الحكماء : «نسبة الأوّل إلى الثاني أمّ جميع النسب.»
[٢.] وإمّا متجدّدة على حسب تجدّد متعلّقاتها المتجدّدة في أنفسها وبقياس بعضها إلى بعض كما / A ١٠١ / في بعض السلاسل العرضية كأفراد الحيوان مثلا ؛ فإنّها تتجدّد وتتصرّم وتوجد وتعدم ؛ وبحسب ذلك الاختلاف تختلف إضافة تلك الصفات من حيث إنّها متخصّصة بها ؛ فإنّ زيدا يكون في وقت ما مرزوقا ومخلوقا