التمكّن من العقل ويعبّر عنهما ب «دانستن» و «توانستن» وأمثالهما ؛ ولا شكّ في أنّها زائدة في الواجب والممكن كِلَيهما في الذهن ؛ واشتراكها بينهما وبين أفراد الممكن اشتراك معنوي ؛ وهذا المعنى كلّي عرضي صادق على الجميع بنحو واحد.
وثانيهما : اتّصاف الحقيقة التي هي منشأ انتزاع المعاني الانتزاعية ومناط فهمها وهي زائدة في الممكن زيادة واقعية خارجية ؛ لأنّها إمّا ملكات أو كيفيات زائدة أو إضافات وعين في الواجب عينية حقيقة واقعية ؛ لأنّها فيه تعالى عين ذاته تعالى وإلّا لزم أن يكون ذاته محلّا لحلول الصفات ومفتقرا إلى غيره في صفاته الكمالية وهو نقص متنزّه عنه تعالى ؛ فذاته هو العلم الحقيقي الكمالي والقدرة الحقيقية الكمالية والحياة الحقيقية الكمالية إلى آخر الصفات. فكما أنّه تعالى صرف الوجود القائم بذاته والوجود العامّ الاعتباري ينتزع عنه كذلك هو صرف العلم الحقيقي القائم بذاته الذي هو منشأ انتزاع العلم الانكشافي الإشراقي وصرف القدرة الحقيقية التي هي منشأ انتزاع التمكّن عن العقل ؛ فذاته بذاته عين العلم الحقيقي الكمالي وعين القدرة الحقيقية الكمالية وعين الحياة الحقيقية الكمالية.
والحاصل : ذاته بذاته هو بعينه كلّ واحد من الصفات الحقيقية الكمالية ؛ أي منشأ انتزاع مفهوماتها كما في الوجود بعينه ؛ والذات ليس (١) الصفة حقيقة إلّا مجازا ؛ فليس نائبا مناب الصفات ـ أي نائبا مناب ما هو منشأ الانتزاعي ـ في الممكنات من غير أن يكون حقيقتها ـ كما ذهب إليه بعضهم ـ ولا فردا من مفهوم الصفة بأن يكون كلّ واحد من مفهوم / A ٩٨ / الصفات كلّيا انتزاعيا أو جنسيا أو نوعيا أو عرضيا له أفراد متعدّدة بعضها قائم بذاته وهو ذات الواجب والبواقي قائمة بغيرها هي صفات الممكنات من الملكات أو الكيفيات أو غيرها ؛ إذ يرد على هذين المذهبين في الصفات ما أوردنا عليهما في الوجود بلا تفاوت.
__________________
(١). س : نفس.