قلنا : جميع هذه الصفات راجعة إلى حيثية الذات وصرافة الوجود ؛ بمعني أنّ منشأ انتزاع جميعها الذات من غير لزوم التركّب وثبوت حيثيات متعدّدة ؛ فإنّ الوحدة الحقّة والبساطة الصّرفة المحضة لعدم تناهيها يلزمها لذاته تكثّر الأسماء والصفات من غير إيجابه لتعدّد الجهات والحيثيات.
وبيان ذلك : أنّ صرف الوجود الحقّ يلزمه لذاته وجوب الوجود والقيّومية المطلقة الإيجابية للأشياء ؛ أي المقوّمية لغيره ؛ أي تبعية ما سواه له في التحقّق وترتّبه عليه ولزومه له ؛ ووجوب الوجود يندرج تحته جميع الصفات الحقيقية الكمالية من الحياة والبقاء والقدم والسرمدية والأبدية والقدرة والعلم ؛ ويلزمه سلب الإمكان والنقص المندرج تحته جميع الصفات السلبية كالقدّوسية والسبّوحية والفردية وغيرها ؛ فإنّ جميعها يرجع إلى سلب واحد هو سلب الإمكان والنقص ؛ والقيّومية الإيجابية يندرج تحتها (١) جميع الصفات الإضافية من الخالقية والرازقية واللطف والرحمة والقهر والغلبة والإحاطة إلى آخر الصفات الإضافية.
فإن قيل : لا ريب في أنّ جميع الصفات الإضافية لازمة للقيّومية المطلقة إمّا على الاندراج أو الترتّب السببي والمسبّبي كصدور الأشياء عنه تعالى ؛ وكذا لا ريب في أنّ بعض الصفات الكمالية ـ كالحياة والبقاء والسرمدية وأمثالها ـ يرجع إلى وجوب الوجود بأحد الوجهين وفي أنّ جميع الصفات السلبية يرجع إلى سلب واحد بأحد الوجهين وهو لازم لوجوب الوجود ولكن يبقي الكلام في وجوب الوجود وفي العلم وفي القدرة والقيّومية الإيجابية التى هى المبدئية للأشياء ؛ فإنّ هذه مفهومات أربعة متغايرة ؛ ولذا كثيرا ما يحصل الانفكاك بينها.
فكم من عالم عاجز وقادر جاهل وعالم / A ٩٩ / أو قادر غير واجب ؛ فكيف يمكن
__________________
(١). س : تحته.