وعلى الثاني : يلزم أن يكون معروضه (١) متقدّما بالوجود على هذا العارض ـ سواء كان عارضا انتزاعيا أو غير انتزاعي ـ لأنّ المعروض والمنتزع عنه متقدّم في الواقع على العارض والمنتزع. فلو كان وجود المعروض والمنتزع عنه بهذا الوجود لزم تقدّم الشيء على نفسه ؛ ولو كان بوجود آخر لزم التسلسل ؛ لأنّا إذا نقلنا الكلام إلى الوجود الآخر وهكذا والمفروض أنّ الكلّ عارض ومعروضه موجود بوجود آخر غير هذا الوجود العارض لزم وجود المعروض مرّات غير متناهية.
وأيضا : لا بدّ للعارض مطلقا / A ٩٥ / من علّة وعلّته إن كانت ذات المعروض لزم أن يكون شيء واحد فاعلا وقابلا من جهة واحدة وإن كان غيره لزم احتياج الواجب في وجوده إلى غيره ؛ وهو باطل.
وبتقرير آخر : أنّ معروض الوجود لا بدّ أن يكون بحيث لا يكون له في حدّ ذاته وجود حتّى يصحّ أن يعرض له الوجود. فيلزم أن يكون ذات الواجب في حدّ ذاته غير موجود ؛ ويصير بعروض الوجود له موجودا ؛ فلا يكون واجب الوجود.
وأيضا : عروض العارض مطلقا يتوقّف على وجود المعروض والمفروض عدم وجود له [مع] قطع النظر عن عارض الوجود ؛ فلا يصحّ العروض ولا يكون الذات أيضا واجب الوجود.
وعلى الثالث : لمّا كان الواجب هو العارض للوجود يلزم افتقار الواجب في الوجود إلى معروضه الذي هو الوجود سواء كان أمرا انتزاعيا أو غيره ؛ فلا يكون لذاته تعالى في حدّ ذاته وجود أصلا ؛ ولو كان انتزاعيا لزم مع ذلك عروض الأمر الأصيل المتحصّل المتحقّق للأمر الاعتباري ؛ وهو باطل.
__________________
(١). س : معروضة.