لتحقّق نفسه ولانتزاع الوجود العامّ يقال إنّه وجود بالمجاز. فالعينية مجازية لا حقيقية حتّى يرد الإشكال المذكور ؛ وأنت تعلم أنّ العينية لو كانت بهذا المعنى والمفروض أنّ الوجود أمر انتزاعي لكان ذات الواجب غير الوجود ونائبا منابه وكان الوجود زائدا عليه في الذهن ومنتزعا عنه ، كما اعترفوا به ؛ ومن المعلوم أنّ المنتزع عنه لا بدّ أن يكون متقدّما بالوجود على المنتزع ؛ والمفروض أنّ المنتزع عنه مع قطع النظر عن المنتزع ليس له وجود ؛ فيلزم أن لا يكون لذات الواجب في مرتبة من مراتب ذاته ـ أعني في مرتبة تقدّمه على الوجود الانتزاعي ـ وجود ، بل لا يكون له وجود في مرتبة الانتزاع أو في مرتبة صحّة الانتزاع وهاتان المرتبتان بعد مرتبة الذات بالذات ؛ وفساده ظاهر.
فإن قيل : المسلّم تقدّم المنتزع عنه في مرتبة من مراتب لحاظ العقل فقط لا في الواقع ؛ فلا يلزم أن لا يكون لذات الواجب في مرتبة من مراتب الواقع ونفس الأمر وجود ، بل في لحاظ العقل فقط.
قلنا : هذا التقدّم / A ٩٦ / كما أنّه في لحاظ العقل كذلك هو في الواقع وفي نفس الأمر أيضا ؛ ولو سلّم أنّه ليس في الواقع ، بل في مرتبة من مراتبه فنقول : هذا القدر (١) من التقدّم للازم منه أن لا يكون لذاته تعالى وجود في مرتبة من مراتب الواقع محذور ينافي وجوب الوجود قطعا.
وأيضا : إذا لم يكن ذاته حقيقة الوجود فكيف يمكن أن ينتزع عنه الوجود العامّ الذي هو من أشعّة الوجود الحقيقي؟! فإنّ المناسبة بين المنتزع والمنتزع عنه لازمة.
وبعضهم أجاب عن الإشكال المذكور بأنّ الوجود وإن كان أمرا انتزاعيا لكنّه معنى كلّي له أفراد متعدّدة فرد منها قائم بذاته متشخّص بنفسه واجب لذاته وهو عين ذات الواجب عينية حقيقية وساير الأفراد قائمة بالغير ؛ أي هي عوارض
__________________
(١). س : لقدر.