بالوجود لا بنفسها ؛ كيف ولو اخذت بنفسها مطلقة أو مجرّدة عن الوجود لم يكن نفسها نفسها فضلا عن أن تكون موجودة؟! لأنّ ثبوت الشيء لشيء فرع ثبوت المثبت له في نفسه ؛ فهي لكونها معدومة في نفسها لا يمكن أن يصير سببا لوجود نفسها أو غيرها ؛ إذ علّية المعدوم لوجود نفسه أو غيره غير معقولة ؛ والوجود الخاصّ المشوب بمهيّة أو نقص وعدم لكونه غير صرف الوجود يكون فيه تركيب من الوجود بما هو وجود ومن خصوصية اخرى ؛ وكلّ مركّب متأخّر عن بسيطه ومفتقر إليه ؛ فلا يمكن أن يكون واجبا بذاته ؛ فلا بدّ أن يكون معلولا لغيره ؛ فهذا (١) الغير إن كان محض الوجود الذي لا يشوبه شيء ثبت المطلوب وإن كان وجودا خاصّا آخر مشوبا بالعدم ننقل الكلام إليه ؛ فيدور أو يتسلسل أو ينتهي إلى حقيقة الوجود الذي لا يشوبه عدم وقصور ؛ والأوّلان باطلان ؛ فيتعيّن الثالث.
[الثاني :] أنّا نجد بديهة أمرا نسمّيه بالوجود ؛ وهو أمر حقيقي قائم / B ٩٣ / بذاته بالضرورة أو الحدس أو الكشف ؛ فلا يكون له مبدأ وإلّا لزم تقدّم الشيء على نفسه ؛ فهو الواجب لذاته.
[الثالث :] أنّه لو كان شيء موجودا لكان واجبا لذاته أو لغيره ؛ إذ الشيء ما لم يجب لم يوجد ؛ والأوّل المطلوب والثاني ينتهي إليه شيء ما موجود بالضرورة ؛ فيلزم وجود الواجب لذاته دفعا للدور والتسلسل.
[الرابع :] أن يقال في موجود ما : إنّ تساوي وجوده وعدمه بالنظر إلى ذاته و (٢) ترجّح أحدهما بالأولوية احتاج إلى العلّة وينتهي إلى الواجب لذاته وإن ترجّح بالوجوب ثبت المطلوب.
[الخامس :] الوجود أمر واقعي ؛ فهو إمّا موجود بنفس ذاته أو بوجود زائد أو غير موجود ؛ فعلى الأوّل ثبت المطلوب وعلى الثاني يلزم التسلسل وعلى الثالث
__________________
(١). س : فهذه.
(٢). س : او.