يكون له منشأ انتزاع ؛ فهذا المنشأ إن كان منشأ بذاته من غير افتقار إلى شيء آخر حتّى الانتساب إلى الغير كان واجبا لذاته وإلّا عاد الكلام حتّى ينتهي إلى الواجب لذاته ؛ وهذا الطريق بتصريح الإشارات استدلال بالحقّ عليه وطريقة الصدّيقين الذين يستشهدون بالحقّ لا الخلق عليه وإليه اشير في الكتاب الإلهي بقوله : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (١).
وهذه الوجوه لا يتوقّف على شيء سوى إبطال الدور والتسلسل أو إبطالهما مع إبطال الأولوية الذاتية ؛ وبطلان الثلاثة ظاهر محرز في الكتب العقلية ؛ ولو قيل : «مجموع الموجودات الممكنة في حكم ممكن موجود واحد في جواز طريان العدم عليه ؛ فالمجموع كممكن واحد في الافتقار إلى علّة خارجة عن ذاته» لم يتوقّف على شيء أصلا.
ومن جملة الطرق :
[١.] طريقة جمهور الحكماء المبتنية على النظر في الإمكان والاستدلال منه على وجود واجب بالذات غير ممكن.
[٢.] وطريقة الحكماء المتكلّمين المبتنية على النظر في الحدوث والانتقال منه إلى محدث غير حادث.
[٣.] وطريقة الطبيعيّين المبتنية على النظر في الحركة والتغيّر والاحتجاج به على محرّك غير متحرّك ولا متغيّر أصلا.
[٤.] وطريقة اخرى مبتنية على النظر في أحوال / A ٩٤ / النفس الإنسانية وخروجها من القوّة إلى الفعل والانتقال منه إلى ما هو بالفعل من جميع الجهات بحيث ليس فيه ثبوت من القوّة أصلا.
وكيفية الاستدلال بهذه الطرق يعلم من المقايسة على الطريقة الأولى ؛ و
__________________
(١). فصّلت / ٥٣.