حاجة له إليه في تقويم ماهيّته التي هي الوجود. فالوجود المطلق من حيث هو ليس موجودا ويحتاج في موجوديته (١) إلى منشأ انتزاع عن وجود خاصّ أو ماهيّة ؛ فيجوز كونه جنسا وكون هذا المنشأ لانتزاعه فصلا له بمعنى توقّف موجوديته عليه من دون توقّف حقيقته التي هي نفس الوجود عليه.
وفيه : أنّ الوجود الخاصّ الذي يصلح عليه الموجودية لا يمكن أن يكون فصلا له (٢) ؛ إذ هو مبدأ نفس الوجود الذي فرض جنسا ؛ ومادّة الجنس ومبدئه لا يمكن أن يكون فصلا ؛ لأنّه شيء خارجي والفصل جزء عقلي.
وعلى هذا فالأصوب في تقرير هذا الدليل أيضا أن يقال : إنّ الوجود لو كان جنسا احتاج إلى فصل مقسّم مع أنّ الوجود إن كان موجودا بنفسه لم يفتقر إلى فصل ؛ وإن احتاج في موجوديته إلى شيء آخر ؛ فهذا الشيء لا بدّ أن يكون هو الوجود الخاصّ ؛ إذ غيره من الماهيّة ؛ وما يوجد منها كذا هو مبدأ لغير الوجود من الأجناس والفصول ؛ والوجود الخاصّ لتحقّقه في الخارج لا يمكن أن يكون فصلا ، لكون الفصل جزءا عقليا.
وممّا ذكر / A ٨٩ / يظهر أنّ الوجود لا يمكن أن يكون نوعا أيضا ، لإيجاب النوعية التركّب في الواجب والافتقار إلى الفصل ؛ ولا يوجد شيء يصلح لأن يكون فصلا له لما تقدّم ؛ ولا فصلا منطقيا ولا حقيقيا (٣) هو مبدأ المنطقي ؛ إذ المنطقي ماهيّة كلّية والوجود زائد عليه ؛ وأيضا الوجود المطلق أعمّ الأشياء ؛ فلا يكون مميّز الشيء (٤) أحد العرضين العامّ والخاصّ ، لنوعية كلّ منهما بالقياس إلى أفراده الذاتية وإن كان عرضا بالنسبة إلى غيرها ؛ وقد ظهر أنّه لا يمكن أن يكون نوعا.
والتحقيق : أنّ كلّا من (٥) الكلّيات الخمسة يعتبر (٦) فيه أن يكون له أفراد خارجية
__________________
(١). س : موجودية.
(٢). س : لانه.
(٣). س : حقيقا.
(٤). س : + لا.
(٥). س : كلان.
(٦). س : يصر.