بمنزلة قولنا : «السواد ليس بسواد» وهو حكم باجتماع النقيضين ؛ والمراد بالتناقض إمّا أنّ شيئا ما ثبت له السواد مثلا ارتفع عنه السواد أو معناه المصطلح وهو اجتماع قضيتين متناقضيتن في الصدق ؛ إذ لنا قضية صادقة في الواقع وهي قولنا : «السواد ليس بسواد (١)» أو «الموجود ليس بموجود (٢)» ولمّا كان قولنا : «السواد ليس بموجود» بمنزلة قولنا : «السواد ليس بسواد» أو «الموجود ليس بموجود» كان مناقضا لتلك القضية الصادقة ؛ فيلزم اجتماع النقيضتين مع أنّا نعلم أنّ قولنا : «السواد ليس بموجود» لا يستلزم التناقض بشيء من المعنيين.
[٢.] وإن كان جزئها وهو مشترك بين الواجب والممكن ؛ فيلزم تركّب الواجب ؛ إذ (٣) كلّ ما له جزء فله جزء آخر (٤) بالضرورة.
وقد أورد على هذين الوجهين أيضا (٥) إيرادان جوابهما ظاهر مع أنّك قد عرفت / B ٨٧ / أنّ الحقّ أنّ الدعوى بديهية وهذه الوجوه تنبيهات ؛ فلا تضرّ عدم تماميتها.
ثمّ إنّ القائل بالعينية احتجّ عليها بأنّ الوجود لو لم يكن عين الماهيّة وليس جزءا منها بالاتّفاق لكان زائدا عليها قائما بها. فما لم تصفه بالموصوف فإمّا أن يقوم بالماهيّة الموجودة أو بالماهيّة المعدومة ، لعدم الواسطة. فعلى الأوّل يلزم أن تكون الماهيّة موجودة قبل وجودها ؛ وعلى الثاني يلزم أن تكون الماهيّة موجودة ومعدومة ؛ وهو اجتماع النقيضين ؛ وأيضا يلزم قيام الموجود بالمعدوم ؛ وهو محال.
وأنت تعلم أنّ هذا الإشكال إنّما يتأتّى على القول بأصالة الماهيّة وكون الوجود عارضا لها وأمّا على ما اخترناه من أصالة (٦) الوجود الخاصّ المتحقّق بذاته وكون كلّ من الماهيّة والوجود العامّ منتزعا عنها فلا إشكال أصلا.
__________________
(١). س : سواد.
(٢). س : موجود.
(٣). س : إن.
(٤). س : آخرا.
(٥). س : + بغير.
(٦). س : اصالت.