[الخامس :] أنّه ليس جنسا لما تحته ؛ إذ لو كان جنسا لأفراده لكان امتيازها بفصول مقوّمة ؛ فيلزم تركّب الواجب من الجنس والفصل.
واستدلّ عليه أيضا بأنّه لو كان جنسا لأفراده وكان امتيازها بفصول مقوّمة والفصل المقوّم لا بدّ أن يكون موجودا (١) ؛ إذ غير الموجود لا يكون مميّزا ومقوّما للموجود ؛ فيلزم أن يكون الفصل مشاركا للنوع في ماهيّة الجنس. فالجنس يحمل عليه كما يحمل على النوع. فإذن يستدعي الفصل فصلا آخر والكلام في ذلك الفصل الثاني كالكلام في الأوّل ؛ فيلزم ترتّب الفصول إلى غير النهاية.
وبتقرير آخر : لو كان جنسا ففصله إن كان موجودا كان فصل الشيء نوعا له ؛ إذ يحمل عليه الجنس وإلّا لزم تقوّم الموجود بالمعدوم.
وأورد على التقريرين بأنّ فصول الجواهر جواهر مع أنّها ليست أنواعا لها ؛ إذ الجنس بالنسبة إلى النوع ذاتي وبالقياس إلى الفصل عرضي ؛ فعلى هذا يمكن أن يكون الوجود جنسا بالنسبة إلى الأنواع المندرجة تحته / A ٨٨ / وأمرا عرضيا بالنسبة إلى فصولها ؛ فلا يكون حمله عليها كحمله على الأنواع حتّى يحتاج إلى فصل آخر ويلزم التسلسل أو يكون فصل الشيء نوعا له وأنت خبير بأنّ كلّا من الجنس والفصل والنوع لكونه جزءا عقليا لا بدّ له من مبدأ خارجي. فالمتحقّق في الخارج ليس إلّا وجود خاصّ ـ أي وجود له جنسية عدمية خاصّة ـ فيؤخذ أوّلا من وجوده الذي هو بمنزلة صورته المشخّص ومن جهته العدمية الخاصّة الماهيّة النوعية الإنسانية مثلا.
ثمّ العقل يحلّل هذه الماهيّة لتركيبها إلى جنس وفصل ويأخذ الجنس من مادّة هذه الماهيّة والفصل من صورتها التي هي وجودها الخاصّ وإن كان تحقّقه في العقل دون الخارج. ثمّ العقل يحلّل هذا الجنس أيضا ـ أعني الحيوان ـ إلى جنس
__________________
(١). س : موجود.