عدمه بالذات ينافي وجوب ما يلازمه ـ أعني وجود المحوي ـ بالغير وإلّا لأمكن الانفكاك بينهما وتحقّق عدمه في مرتبة متقدّمة على وجود المحوي مع أن تحقّق عدم الخلأ في داخل الحاوي في مرتبة لا يوجد فيها وجود المحوي غير معقول ؛ فيجب أن لا يكون الخلأ ممتنعا لذاته حتّى يمكن / A ٧٣ / أن يتحقّق الخلأ في مرتبة متقدّمة على وجود المحوي ويكون عدمه في مرتبة وجوده.
قلنا : وجوب المحوي على فرض كونه معلولا للحاوي لمّا لم يتحقّق في مرتبة وجوب الحاوي فيتصوّر هناك ـ أعني في مرتبة وجوب الحاوي ـ خلأ في داخله لا محالة وعدم ذلك الخلأ المتصوّر إنّما يجب ويتحقّق مع وجوب وجود المحوي في داخله في مرتبة متأخّرة عن وجوب الحاوي ووجوب المحوي أيضا إنّما يتحقّق مع عدم الخلأ المتصوّر في داخل الحاوي ؛ فهما ـ أعني وجوب وجود المحوي بالحاوي ووجوب تحقّق عدم الخلأ المتصوّر في داخله ـ معان في التحقّق ومتلازمان في الوجود والتصوّر ؛ فيكون على هذا الفرض عدم هذا الخلأ مع كونه واجبا بالذات واجبا بالغير كوجود المحوي ؛ ولامتناع ذلك ـ أي كون الواجب بالذات واجبا بالغير ـ يلزم أن يكون تأخّر وجود المحوي من وجود الحاوي ؛ أي كونه معلولا له ممتنعا بالذات في من لا يدّعي الملازمة بين مطلق وجوب المحوي ومطلق عدم الخلأ ، بل بين وجوب المحوي بالحاوي وبين عدم الخلأ المتصوّر في داخل الحاوي اللذين لزم كون كلّ منهما واجبا بالغير في هذا الفرض.
ثمّ يستدلّ بها على امتناع كون المحوي معلولا للحاوي. فالمحوي مع كونه معلولا للحاوي يكون ممتنعا لذاته لا واجبا بغيره وإلّا لزم كون عدم الخلأ أيضا واجبا بغيره مع أنّه واجب لذاته ؛ فالمحوي إنّما يكون واجبا بغيره إذا لم يكن معلولا للمحوي وحينئذ لا ندّعي ملازمته مع عدم الخلأ الذي هو واجب بالذات ؛