الوحدانية والمرتبة الإلهية إلى حضرة الربوبية والخالقية ، أي إلى مظاهر تلك الأسماء والصفات بإيجاد المظاهر الإبداعية والتكوينية وإفاضة المجالي الأمرية والخلقية وإظهار المرايا الآفاقية والأنفسية بنحو آخر من التجلّي وراء الأوّل ؛ فإنّ تجلّي الذات إلى حضرة الأسماء والصفات إنّما هو بالجهات والاعتبارات وكلّها عين الذات باعتبار ؛ وأمّا تجلّيه إلى مظاهره فليس كذلك ؛ لأنّها غير الذات غيرية واقعية إلّا أنّها مناسبة له مناسبة المعلول للعلّة والفرع للأصل والظلّ للنور.
الحاصل : أنّه أفاض من ذاته بذاته مظاهر لأسمائه وصفاته على مناسبة يعرفه العارفون وبعضها مظاهر جمعها إجمالا وتفصيلا معا وبعضها مجالي بعضها كذلك وهي مترتّبة بعضها فوق بعض وبعضها مناسب لبعض وبعضها مناف لبعض ؛ وهذا الترتيب والتقدّم والتأخّر الواقعة في مراتب تجلّيات الذات إلى / B ٥٩ / حضرة الأسماء والصفات وكذا إلى مظاهرها يسمّى تارة بالتقدّم بالحقّ واخرى بالتقدّم بالحقيقة واخرى بالتقدّم بالذات ؛ ولا مشاحّة في التسمية.
فالعالم بجميع أجزائه ـ وهو الإنسان الكبير ـ مظهر جميع أسمائه الحسنى وصفاته العليا من الجلالية والجمالية والمركّبة منهما باعتبار ومجلى اسم الله الذي هو الجامع للأسماء كلّها ؛ لأنّه اسم للذات المستجمعة لجميع الصفات الكمالية باعتبار آخر ومظهرية جميع العالم تفصيلية عينية وتميزية.
والإنسان ـ وهو العالم الصغير ـ مرآة صغيرة هي مظهر لمشاهدة جميع أسمائه وصفاته مشاهدة بين الإجمال والتفصيل ، كالعالم بجميع أجزائه ؛ فهو مختصر منتخب من العالم الكبير الذي هو تفصيل الحضرة الأحدية والحضرة الإلهية والحضرات الأسمائية والصفاتية وخلاصة حضرات الأسماء والصفات وكتاب الموجودات.
والحاصل : أنّه تعالى تجلّى إلى عالم الإنسان ؛ أي أفاض وجودا كاملا