اخذت بشرط لا ـ أي بشرط عدم التعلّق والارتباط بالعلّة ـ فهي محض العدم وصرف اللبس ؛ ولكونها مرتبطة متعلّقة به تعالى تعلّق الظلّ بذي الظلّ والعكس بالأصل لا يكون الواجب تعالى خارجا عنها ولا داخلا فيها. فهو «خارج عنها لا بمزايلة وداخل فيها لا بمقارنة.»
وعلى ما ذكر من كون التحقّق وعدمه والخروج والدخول بالاعتبارين لا يلزم تناقض وتدافع ؛ على أنّا نقول : من عرف حقيقة القيّومية والعلّية والمعلولية يعلم ـ مع قطع النظر عن كون العلّية بمعنى الاستتباع والمعلولية بمعنى التبعية والتعلّق ـ أنّ المعلول من حيث هو معلول بالنظر إلى علّته أمر ثابت متحقّق مغاير لعلّته وبالنظر إلى نفسه لا تقرّر (١) له ولا تحصّل. ففي الحقيقة لا وجود إلّا وجوده ولا تحقّق إلّا تحقّقه وإذا لم يكن له تقرّر (٢) مستقلّ بالنظر إلى نفسه يصدق كونه شأنا واعتبارا له تعالى.
ثمّ هذه الوجودات الخاصّة المعلولة المجعولة التابعة المرتبطة به تعالى لمّا لم يكن لها في نفسها مع قطع النظر عن العلّة الواجبة تقرّر ـ كما هو شأن الوجود الظلّي التبعي ـ لا تكون أشياء منفصلة عرض لها التعلّق والارتباط ، بل يكون نفس التعلّق والارتباط ؛ إذ لو كانت امورا مرتبطة بالعلّة بارتباط لم تكن مجعولة بالذات ، بل كان المجعول بالذات ارتباطها لا أنفسها مع أنّ العرض كون المجعول بالذات أنفسها والمجعول بالذات المرتبطة بالعلّة لا بدّ أن يكون / B ٥٢ / نفس الارتباط ؛ فيكون أمرا اعتباريا وشأنا للعلّة لا أمرا منفصلا مرتبطا بارتباط زائد.
والتوضيح : أنّ المراد بنفس الارتباط ليس اعتباريا محضا كأنياب الأغوال وإلّا لزم أن لا يكون مرتبطا إذا لم يعتبره العقل وهو خلاف البديهة ؛ لأنّ المعلول مرتبطة بعلّته سواء اعتبر العقل ارتباطه أم لا ؛ فيكون له مصداق حقيقي نفس
__________________
(١). س : تقرير.
(٢). س : تقرير.