المنبسط ويشابهه (١) بوجه الحركة السرمدية الرابطة بين القديم والحادث.
وفيه : أنّ هذا الارتباط يمكن حصوله بالعقل الأوّل كما ذكره الحكماء ؛ ويمكن أن يقال : كون المنبسط أوّل الصوادر أدخل في علوّ القدرة من كون العقل الأوّل أوّلها ؛ إذ على الأوّل يصدر عنه تعالى أوّلا موجود واحد يلزمه وينتزع عنه جميع الماهيّات ؛ وكأنّ الكلّ صدر منه تعالى أوّلا مع حصول الارتباط وكون الصادر من الواحد واحدا ؛ وعلى الثاني يتوقّف إتمام الفيض على وسائط كثيرة.
ثمّ على الثاني تنحصر معلولات الواجب تعالى في الموجودات (٢) الخاصّة المقيّدة ـ أعني العقول والنفوس والأجسام وعوارضها ـ وعلى الأوّل يثبت معها مثل هذا الموجود العظيم العالم القادر الذي يكون العقل الأوّل شأنا من شئونه ؛ إذ على القول به يكون كلّ موجود (٣) مقيّد عبارة عن ماهيّة خاصّة منتزعة عن درجة من درجاته ومرتبة من مراتبه. فمع ثبوت الموجودات المقيّدة المعلولة للواجب تعالى يثبت في جملة معلولاته هذا (٤) الموجود أيضا وعلى مذهب الحكيم لا يثبت ذلك ؛ فتأمّل.
وقد ظهر ممّا ذكر أنّ القول بكون الواجب مع تعيّنه بذاته متعيّنا بكلّ تعيّن ومتشكّلا بكلّ شكل ومتلبّسا بكلّ / B ٤٧ / صورة غير صحيح ؛ وما ذكروه من الأمثلة لا يثبته ؛ لأنّها وردت بطريق الرمز ؛ والأخذ بظاهرها يزيد في الإشكال ويبعّد عن المطلوب ؛ فإنّ سريان الواحد في الأعداد وحصولها منه ليس إلّا بملاحظة تكرّره وانضمامه إلى مثله ؛ والله سبحانه منزّه عن التكرّر وعن أن تحصل من تكرّره الأشياء ؛ وظهور البحر بصور الأمواج ليس إلّا لتزايد في حجمه أو اختلاف في وضعه أو نحو ذلك ؛ وظهور النواة بصورة الشجرة وأغصانها وأوراقها ليس إلّا
__________________
(١). س : نشابهه.
(٢). س : تعالى بالموجودات.
(٣). س : موجوده.
(٤). س : هذ.