الوجود الشامل باعتبار وحدته الذاتية الغير العددية والجنسية والنوعية ؛ وبواسطته يؤثّر في الأشياء بوجوداتها الخاصّة التي لا يزيد على الوجود المطلق المنبسط ، كالحروف والكلمات الإنسانية التي لا تزيد على النفس الخارج من جوفه المارّ على المخارج.
والمناسبة بين الحقّ والخلق إنّما هي بواسطة هذا المنبسط. فأوّل الموجودات المقيّدة العقل الأوّل المحلّل إلى الوجود والماهيّة المخصوصة ؛ والعقل يحكم بتقدّم الوجود بما هو وجود مطلق على الماهيّة بما هي محدودة ؛ لأنّها ما لم يجب بالوجود لم يوجد. فأوّل ما ينشأ من الحقّ الوجود المطلق ويلزمه بحسب مراتبه ماهيّات مخصوصة وإمكان خاصّ ؛ فالأحدية الواجبة منشأ الوجود المطلق ؛ والواحدية الأسمائية إله العالم وجودا وماهيّة. فسبحان من ربط الوحدة بالوحدة والكثرة بالكثرة وإلّا لم تكن بين المؤثّر والمتأثّر مناسبة ؛ وذلك ينافي التأثير و/ A ٤٧ / الإيجاد.
هذا ما ذكروه في بيان المنبسط وأحكامه وعلى ما صرّحوا به من كونه صادرا عن الواجب تعالى وفعلا له تعالى وإن لم يلزم كون الواجب طبيعة مطلقة ولا متعيّنا بتعيّنات الماهيّات وملزوما لها حتّى تكون لذاته حيثيات متغايرة إلّا أنّ ما ذكروه من معنى وحدته وإطلاقه وتقيّده بالماهيّات ممّا يصعب دركه ومع ذلك إثبات مثله يتوقّف على دلالة ولا دلالة.
وربّما يستدلّ عليه بتوقّف ارتباط الكثرة بالوحدة وصدورها منها عليه ؛ إذ الواحد من جميع الجهات لا يناسب الكثرة حتّى يمكن أن يصدر عنه ؛ فلا بدّ أن يصدر منه أوّلا واحد له درجات ومراتب يناسب الكثرة حتّى يصدر من جهة وحدته عن الواحد الحقّ ويصير منشأ الكثرة من جهة تكثّره وما هو إلّا هذا