الثانية : المقرون المقيّد بالماهيّة ، كالعقول والنفوس والطبائع والأجسام وعوارضها.
الثالثة : المنبسط المطلق الذي ليس شموله على سبيل الكلّية وليست وحدته عددية ؛ لأنّه مع كلّ شيء بحسبه ؛ فلا ينحصر في حدّ ؛ إذ مع القديم قديم ومع الحادث حادث ومع المجرّد مجرّد ومع المجسّم مجسّم ومع الجوهر جوهر ومع العرض عرض ؛ والبيان عن كيفية شموله وإحاطته قاصر إلّا بضرب من التمثيل ؛ وبهذا يمتاز عن الوجود / B ٤٦ / المتقدّس الواجبي الذي لا يدخل تحت التمثيل ونسبته إلى الموجودات نسبة البحر إلى الأمواج والهواء إلى الأجسام وجنس الأجناس إلى الأنواع والأشخاص ؛ وهو غير الوجود الإثباتي الانتزاعي الاعتباري الغير الموجود.
والحقيقي بمراتبه الثلاث موجود ؛ والثالثة مادّة الممكن ؛ وإذا أطلق الوجود المطلق على الحقّ فالمراد المعنى الأوّل لا الأخير ؛ وصرف الوجود هو الله والمطلق ـ أي الفيض الانبساطي دون العامّ الانتزاعي ـ فعله والمقيّد أثره وهو الممكنات كالعقل والنفس والجسم وغيرها ؛ فإنّ كلّا منها محدود بمهيّة خاصّة وأوّل ما ينشأ من الذات الأحدية والوجود الحقّ الذي لا نعت له ولا اسم ولا رسم هو هذا المنبسط المسمّى بنفس الرحمن والحقّ المخلوق به وحقيقة الحقائق وحضرة الأسماء والمشيّة ؛ «خلق الله الأشياء بالمشيّة والمشيّة بنفسها.» (١) وهذا النشو والمنشئية ـ أي نشو المطلق من الواجب ـ ليس فاعلية ومفعولية ولا علّية ومعلولية على الوجه المعتبر في الوجودات المقيّدة ، بل هو راجع إلى التعلّق والتابعية كتبعية الظلّ لذي الظلّ والشبح لذي الشبح ؛ فالوجود الحقّ منشأ لهذا
__________________
(١). انظر : اصول الكافي ، ج ١ ، ص ١١٠ ؛ بحار الأنوار ، ج ٥٤ ، ص ٥٦ ؛ التوحيد ، ص ١٤٨ ؛ شرح اصول الكافي (للمولى محمّد صالح المازندراني) ، ج ٣ ، ص ٢٧٠ ؛ ج ٤ ، ص ٢٦٣ ؛ الفصول المهمّة ، ج ١ ، ص ١٩٥ ؛ نور البراهين ، ج ١ ، ص ٣٧٤ و...