المنبسط المقيّد بالماهيّات إلّا أنّه إذا اعتبر مع قطع النظر عن إطلاقه وانبساطه يكون هو المرتبة الواجبية من دون أن يكون لها تحقّق على حدة وراء تحقّق المنبسط بأن تتوهّم أنّ الوجود كان شيئا مندمجا ؛ فصار منبسطا ؛ ففساده ظاهر ؛ إذ الواجب حينئذ لا يكون إلّا هذا المنبسط ؛ واعتبار مرتبة اخرى له هو المرتبة الواجبية إنّما هو في لحاظ العقل من دون أن يكون له تحقّق واقعي خارجا عنه وثبوت نفس أمري مع قطع النظر عنه ؛ فلا يحصل وجود حقّ يكون المنبسط فعله مع أنّهم صرّحوا بأنّ الوجود الحقّ هو الحقّ والمنبسط فعله ؛ وإذا كان المنبسط هو الواجب يقول : إنّه إن كان أمرا مطلقا مبهما فيكون كالكلّي الطبيعي وقد عرفت فساده ؛ وإن كان متعيّنا بنفسه متشخّصا بذاته ومع ذلك تعيّن بتعيّنات الماهيّات ؛ فيرد عليه أيضا ما مرّ.
[٢.] أو يجعل التغاير بينها واقعيا ويجعل المنبسط وجودا ظلّيا بمعنى أنّه بالنسبة (١) إلى الوجود الواجبي كالضوء المنبثّ على الأجرام العلوية والسفلية بالنسبة (٢) إلى الشمس ؛ وهذا الظلّي مرآت الماهيّات بمعنى أنّه يحاكيها ، كما أنّ الضوء الصادر من الشمس يحاكي الأجسام المختلفة إلّا أنّ للأجسام تحقّقا مع قطع النظر عن الضوء والماهيّات لا تحقّق لها بدون المنبسط ، بل هي منتزعة عنه ؛ فهو الواسطة في تكثّر الفيض.
وعلى هذا وإن كان للواجب تحقّق خارجا عن المنبسط والممكنات إلّا أنّ ما ذكروه من انبساطه وإطلاقه وتقيّده بالماهيّات ليس لنا سبيل إلى دركه بحيث يطابق القواعد العقلية ؛ وغاية ما يفهم منه أن يكون المراد أنّه أمر واحد ذاتي مشترك بين الماهيّات بأسرها حتّى يكون الفرق بين مذهب الحكيم ومذهب الصوفي بعد اتّفاقهما على أنّ الأصل في التحقّق والمجعولية هو الوجود أنّ الحكيم يقول : إنّ الأصل في التحقّق والصدور على الترتيب اللائق هي الوجودات
__________________
(١). س : با النسبة.
(٢). س : با النسبة.