الخاصّة منتزعة عنها متّحدة معها في التحقّق عند الحكيم أولا.
والأوّل باطل ؛ إذ انتزاع الماهيّة عن الوجود فرع أن يكون له حيثية سوى حيثية صرافة الوجود المنتزع عنها الوجود العامّ ؛ فإنّ انتزاع الماهيّة عن الخاصّ الإمكاني عند الحكيم إنّما هو لكونه ذا حيثية عدمية لأجل قصوره ؛ فتنتزع عنه الماهيّة لأجلها والوجود العامّ ينتزع عن ذاته الوجودية ؛ فصرف الوجود المتقدّس عن جميع الحيثيات لا يعقل انتزاع ماهيّة عنه ؛ على أنّه تعالى لوحدته الصّرفة وتعيّنه الشخصي ـ كما هو الفرض ـ لا يعقل أن ينتزع عنه جميع الماهيّات المختلفة.
وعلى الثاني : إمّا أن يكون معروض التعيّن الثاني هو الوجودات الخاصّة بأن تكون الماهيّات منتزعة عنها وتكون تلك الوجودات مباينة عنه تعالى إلّا أنّها لكونها معلولة له تعالى يصحّ بضرب من المجاز أن يقال : إنّه تعالى يتعيّن بها ؛ إذ المعلول نوع تعيّن لعلّته ؛ فهذا مذهب الحكيم والأمر في هذا الإطلاق المجازي هيّن أو يكون معروضه (١) الوجود المنبسط بأن يكون الصادر الأوّل عنه تعالى هو هذا الوجود وهو لإطلاقه وانبساطه يتقيّد بقيود الماهيّات ؛ وقد تقدّم تصريحهم بأنّ للوجود مراتب ثلاث إحداها هو المنبسط وهو غير الوجود العامّ وليس كالكلّي الطبيعي ، بل شموله للأشياء وتقيّده بقيود الماهيّات على وجه لا يعرفه إلّا الراسخون ؛ وبعضهم صرّح بأنّ نسبته إلى الوجود الواجبي كنسبة الضوء المحسوس المنبسط إلى الشمس ؛ وفي كلام بعضهم أنّه الوجود الواجبي بعد تنزّله عن المرتبة الواجبة كما أنّ الممكن هذا المنبسط بعد تقيّده بالماهيّات ؛ وصرّحوا بأنّه واسطة صدور الكثرة عن الوحدة ؛ وغير خفيّ أنّ ما أثبتوه من المراتب الثلاث للوجود ـ أعني المرتبة الواجبة والوجود المنبسط والمقيّد الذي هو الممكن ـ :
[١.] إمّا يجعل التغاير / B ٤٥/ بينها اعتباريا عقليا حتّى لا يكون في الواقع إلّا
__________________
(١). س : معروضة.