العلم ؛ ونسبته إلى أكابر الصوفية افتراء محض يتحاشى عنه أسرارهم وضمائرهم.
ثمّ ما ذكروه من الوجود المطلق وتجلّيه في مجالي الماهيّات وتطوّره وسريانه وتنزّله غير متحصّل المعنى بحسب الظاهر.
وقد ذكر المتأخّرون في توجيه كلامهم وجوها كلّها باطلة :
الأوّل : ما أشرنا إليه سابقا وحاصله أنّ مرادهم أنّ الوجود حقيقة واحدة مطلقة عن التعيّن بالماهيّات وعدمه وهو حقيقة الوجود العامّ البديهي ؛ أي معروضه حقيقة وهو الواجب تعالى والتعيّن (١) خارج عنها عارض لها ، كما في الكلّي الطبيعي ؛ ومعروض كلّ عين يحصل فرد منها وأفرادها ليست إلّا تلك الحقيقة المتعدّدة بتعدّد القيودات والتعيّنات. فمن حيث منشئيتها لانتزاع ماهيّة يكون فردا لنفسها ؛ فأفرادها في الحقيقة هي الممكنات وهي مشتركة بينها ذاتية لها والتشكيك فيها لا تدلّ على عرضيتها لها ، لعدم القطع باستحالة الاختلاف في الذاتيات على أنّ الاختلاف في تلك الحقيقة يرجع إلى اختلاف / A ٤٢ / ظهوراتها في المظاهر لا في ذاتها الظاهرة ؛ والعقل كما لا يأبى عن وجود موجود لا في خارج العالم ولا في داخله لا يأبى أيضا عن (٢) وجود حقيقة مطلقة محيطة لا يحصرها التقيّد ولا يفيدها التعيّن كالكلّي الطبيعي.
على أنّ ما ذكروه لا يدلّ إلّا على إثبات ذات مطلقة محيطة بالمراتب العقلية والعينية منبسطة على الموجودات الخارجية والذهنية فاقدة في ذاتها لتعيّن يمنع من ظهورها مع تعيّن آخر من التعيّنات الإلهية والخلقية ؛ فلا مانع من أن يثبت لها تعيّن (٣) يجامع ساير التعيّنات ولا ينافي شيئا منها ويكون عين ذاتها غير زائد عليها لا خارجا ولا ذهنا بحيث إذا تصوّرها العقل بهذا التعيّن امتنع عن فرضه مشتركا بين كثيرين اشتراك الكلّي بين جزئياته لا عن تحوّله وظهوره في الصور الكثيرة و
__________________
(١). س : اليقين.
(٢). س : من.
(٣). س : يعين.