مذهب النصارى ثبوت إلهين أو ثلاثة ؛ ومن ذلك ثبوت آلهة غير متناهية.
وربّما وقع في مهلكة الاتّحاد الذي هو في الأصل بمعنى الميل عن الحقّ إلى الباطل ؛ والمراد به هنا الميل عن الظاهر الحقّ إلى الباطن الباطل ، إذ من رأى الوجود واحدا ظاهرا في الكلّ ولم يفرق بين الظاهر والمظهر ربّما مال عن ظاهر الشريعة الحقّة إلى ما زعمه باطنا لها مع كونه باطلا ؛ فيترك الظاهر الحقّ ويأخذ بالباطل الذي زعمه باطنا ، كما جرى عليه الإسماعيلية الموسومة بالملاحدة.
وربّما وقع في مفسدة الإباحة لأنّ من ذكر ربّما رأى كلّ شيء حسنا ويكون الكلّ عنده جائزا مباحا ؛ فيستوي عنده السعيد والشقيّ والفاجر والتقيّ ولا يفرق بين الحلال والحرام ويخرج عن التعبّد بالأحكام / B ٤١ / فلا يبالي بالفسق والفجور ويرتكب أنواع الفواحش والشرور.
وربّما ضلّ في مقام الجمع والفرق ؛ أعني شهود الحقّ بلا مشاهدة الخلق وعكسه ؛ إذ صاحب الجمع يلزمه إسناد جميع الآثار ـ خيرها وشرّها ـ إلى الحقّ وحده ويعطّل الخلق رأسا ؛ وهو مذهب الجبرية ؛ وصاحب الفرق يلزمه إسناد جميع الأفعال إلى الخلق وتعطيل الحقّ مطلقا ؛ وهو مذهب المفوّضة. ثمّ الآخذ بظاهر كلامهم ربّما اعتقد عدم تحقّق للواجب بدون المظاهر والمجالي ؛ فلا يرى له تحقّقا خارجا عن جميع الأشياء ؛ وذلك كفر صريح أنكره الشرائع والأديان ، بل أهل الوحدة والعرفان ؛ ولذا قال بعض العارفين المصرّين على إثبات الوحدة : إنّ بعض الجهلة من المتصوّفة المتقلّدة الذين لم يحصلوا طريق العرفاء وتوهّموا لضعف عقولهم أن لا تحقّق بالفعل للذات الأحدية المنعوتة بألسنة العرفاء بمقام الأحدية وغيب الهويّة وغيب الغيوب مجرّدة عن المظاهر والمجالي ، بل المتحقّق هو عالم الصورة وقواها الروحانية والله هو الظاهر المجموع وهو حقيقة الإنسان الكبير ؛ وذلك القول كفر فضيح وزندقة صرفة لا يتفوّه به من له أدنى مرتبة من