إذ لا معنى لحدوث النوع بوصف النوعية والكلّية لما مرّ. فكلّ جزء من بسائط العناصر حصل له استعداد يناسب وجودا شخصيا من نوع خاصّ يفاض عليه ما يناسبه من التشخّص ويحصل هذا الشخص من هذا النوع وما حصل له استعداد آخر يناسب تشخّصا آخر / B ٤١ / من هذا النوع يفاض عليه هذا التشخّص ويحصل شخص آخر من هذا النوع ؛ وهكذا الحكم في جميع أفراد هذا النوع وأفراد كلّ نوع آخر يحصل من العناصر البسيطة بلا واسطة. فمنشأ تكثّر النوع في الأشخاص اختلاف الاستعدادات والاستحالات الواقعة في مادّية الموجبة لاختلاف ما يفاض عليها من الوجودات الشخصية ؛ واختلاف الاستعداد لأجل أسباب سماوية وأوضاع فلكية ؛ ولذلك لا يوجد شخصان متماثلان من كلّ جهة ؛ إذ ذلك فرع اتّحادهما في السبب ـ أعني الوضع الفلكي ـ وعلوّ القدرة اقتضى عدم تماثل وضعين من الفلك من جميع الجهات ، كما برهن عليه في محلّه.
فالأفراد التي تفاض عليها الصور الشخصية كلّها في التشخّص مختلفة وبعضها يشترك في نوع الصورة بمعنى أنّ العقل ينتزع عن الجميع معنى واحدا نوعيا. فهذه الأفراد هي الأشخاص المندرجة تحت نوع واحد وغيرها من الأفراد التي لا ينتزع عنها هذا المعنى المشترك لا يكون من أشخاص هذا النوع ، بل من أشخاص أنواع اخر ؛ وكلّ عدّة منها يشترك في معنى نوعي يكون مندرجة تحت نوع واحد.
ثمّ قد تصير هذه الأشخاص الحاصلة من بسائط العناصر أوّلا مادّة لأفراد أنواع اخر من المركّبات الجمادية والنباتية والحيوانية ؛ وهذه الأفراد أيضا مادّة لأفراد نوع آخر وهكذا إلى أن ينتهي إلى أفراد لا تصير مادّة لشيء ؛ فإنّك ترى أنّ بعض أجزاء العناصر بسبب ما يحصل فيها من الاستحالات الصادرة من الأوضاع الفلكية يصير مادّة لحدوث البرّ مثلا وهو بسبب ما يحصل فيه من الاستعداد