متكثّرة ؛ إذ ذات الفاعل من حيث هو مع قطع النظر عن الامور الخارجة لا يقتضي إفاضة التشخّصات المتكثّرة على ماهيّة واحدة ؛ والماهيّة لوحدتها وعدم اختلاف فيها ـ بل معدوميتها قبل وجود أفرادها ـ لا تقتضي شيئا أصلا فضلا عن أن تقتضي إفاضة الفاعل التشخّصات المتكثّرة عليها ولا يجوز أن يتكثّر بنفسها أو بلازمها بدون انضمام التشخّصات إليها ، لمعدوميتها قبل وجود أفرادها ؛ فلا معنى لاقتضائها التكثّر أو غيره.
وأيضا : يلزم أن لا يوجد واحد شخصي منها ؛ إذ التكثّر بدون ضمّ التشخّص يوجب عدم تحقّق الشخص.
فظهر أنّ الكلّى الطبيعي ـ أي الماهيّة من حيث هي ـ لا يمكن أن يتكثّر ـ أي تتعدّد أفرادها بنفسها أو بلازمها ـ فلا بدّ في تكثّر كلّ معنى نوعي في الأشخاص من أمر خارج يقبل التكثّر والانقسام إلى امور متساوية في الحقيقة بسبب حدوث حالات عرضية مختلفة مستندة إلى امور متكثّرة بذاتها حتّى إذا انقسم وتكثّرت أجزائه بحدوث تلك الحالات استحقّت هذه الأجزاء لاختلافها لأن تفاض عليها وجودات خاصّة وتشخّصات مختلفة ؛ وهذا الأمر هو المادّة المنقسمة إلى أقسام متساوية هي موادّ الأشخاص لأجل ما يحدث فيها من الاستعدادات المختلفة المستندة إلى الحركات الفلكية والأوضاع السماوية التي هي متكثّرة بذاتها.
وتوضيح ذلك : أنّ لكلّ جسم فلكي أو عنصري مادّة إلّا أنّ مادّة كلّ جسم فلكي لا يقبل إلّا صورة خاصّة واحدة هي المفاضة عليها في بدو الفطرة ولا يمكن أن ينفكّ عنها ؛ فلا يختلف استعدادها ولا يمكن أن يحدث فيها استعداد آخر غير ما كان لها أوّلا من الاستعداد الفطري ولا يقبل التأثّر من جسم آخر ؛ ولهذا لا يكون في الفلكيات كون وفساد وأمّا مادّة الجسم العنصري ففيها استعدادات متجدّدة غير متناهية أودعها الله فيه بعلوّ قدرته / A ٤٠ / لتكوّن أنواع المركّبات.