عدم موجوديتها أصلا ، أي ولو بوجوده ، كما زعمه المتكلّم.
والحاصل : أنّ الوجود الخاصّ هو الأصل في التحقّق والمتشخّص بذاته وينتزع الماهيّة والذاتي من نفسه والعرضي من وجود متعلّق به. فالمتحقّق في الخارج من جميع الحقائق المترتّبة من أعمّ الأجناس إلى أخصّ الأنواع هو الفرد وما هو إلّا الوجود الخاصّ المتشخّص المشخّص بنفس ذاته ، والعقل ينتزع عنه الماهيّات المندمجة فيه ؛ فينتزع عن زيد مثلا معنى الإنسانية المركّبة من جنسها الذي هو الحيوان ومبدأ فصلها الذي هو الناطق ؛ أعني نحو وجودها ؛ ولا يمكن تحقّقها إلّا بانضمام مبدأ الفصل الأخير ؛ أعني التشخّص الذي هو نحو وجود الشخص. فحقيقة الإنسان بالحقيقة هو وجوده الخاصّ وإن لم يكن لهذا الوجود في نفسه تحقّق ، بل كان تحقّقه بوجود الشخص وبعد تحقّقه به ينتزع العقل منه الحيوانية. ثمّ حقيقة الحيوان أيضا مركّبة / A ٣٩ / من جنس وفصل هو نحو وجودها والعقل ينتزع عنها الجسم مثلا وهكذا الحكم في الجسم وما فوقه ؛ وكلّ جنس وفصل أقرب إلى الشخص يكون أقرب إلى التحقّق من الأبعد منه.
ويعلم ممّا ذكر أنّ المراد من اعتبارية الماهيّة وعدم تحقّقها في الخارج ـ كما اخترناه ـ هو عدم تحقّقها فيه مع قطع النظر عن الوجود لا مطلقا ؛ لأنّها موجودة في ضمن الوجود الخاصّ ومتحقّقة بتحقّقه وإن كانت في نفسها معدومة ؛ إذ هي ليست إلّا الكلّي الطبيعي كما أنّ الوجود الخاصّ ليس إلّا الشخص. فمعنى قولنا : «الكلّي الطبيعي متّحد مع الشخص في الوجود والتحقّق» هو بعينه معنى قولنا : «الماهيّة متّحدة مع الخاصّ فيهما.»
وبالجملة : الماهيّة مع معدوميتها في ذاتها متحقّقة بتحقّق [الوجود] الخاصّ وموجودة بوجوده في الخارج ؛ لأنّها متعلّقة بالكنه وكلّ مرتسم بالكنه محفوظ الحقيقة في الخارج والذهن وإنّما التبدّل فيه في نحو الوجود وكلّ متحفّظ الحقيقة