الشيء المذكور في الذيل عبارة عن الشيء المذكور في الصدر ، وقد كان هو جزء من أجزاء الوضوء ، فتكون المجاوزة أيضا معتبرة بالنسبة إليه ، وهذا عين قاعدة التجاوز.
وأمّا حمل الشيء في الذيل على الوضوء ففي غاية البعد والمخالفة للظاهر ، كما عرفت أنّ حمل «من» في الصدر على التبيينيّة كما في الرواية الاخرى : كلّ ما مضى من صلاتك وطهورك ، يكون أيضا في غاية البعد ومخالفة الظاهر.
فالحقّ في المقام أحد الأمرين ، إمّا الحمل على قاعدة التجاوز والتزام التخصيص بالنسبة إلى الشكّ في أجزاء الوضوء في أثنائه ـ كما مرّ تقريبه ـ وإمّا القول بمخالفة الرواية مع روايات الاعتناء بالشكّ في أثناء الوضوء ومع الإجماع ، ولكن مجرّد ذلك لا يوجب إلّا طرح صدره دون ذيله ، فيكون كتلك الكبريات الغير المنطبقة على باب الوضوء ، ومثله غير عزيز ، وعلى هذا فيبقي قاعدة الفراغ غير ممكن الاستفادة من هذه الأخبار.
نعم في خصوص بابي الصلاة والوضوء ورد أخبار بعدم الاعتناء بالشكّ بعد الفراغ ، مثل صحيحة زرارة في باب الوضوء ، ومثل ما روى محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهماالسلام : كلّ ما شككت فيه بعد ما تفرغ من صلاتك فامض ، ومثل قوله عليهالسلام : كلّ ما مضى من صلاتك وطهورك فذكّرته تذكّرا فامضه ولا إعادة عليك فيه ، بناء على جعل «من» بيانيّة ـ كما هو الظاهر ـ لا تبعيضيّة ، وإلّا كان دليلا على قاعدة التجاوز.
ثمّ إنّه قد يستشكل في هذا المقام بأنّ الشكّ المسبّبي أصله محكوم لأصل الشكّ السببي ، فإن كان الأصلان مفادي دليل واحد ، فلا إشكال ، وأمّا إذا ورد دليل بالخصوص في الشكّ المسبّبي والمفروض ورود الدليل المستقلّ في السببي ، كان الدليل الأوّل لغوا دائما.
لكن ندفع هذا الإشكال بأنّ التسبّب فرع تعدّد الشكّ ، فإن جعلنا موضوع إحدى القاعدتين هو الشكّ فى الجزء وموضوع الاخرى هو الشكّ في الكلّ لزم ما