الفراغ ، والشكّ في الصحّة الذي هو موضوع قاعدة الفراغ يكون مع الفراغ عن وجود الشيء، والجمع بينهما غير ممكن.
وحينئذ يدور الأمر بين خصوص إحدى القاعدتين ، ولكن تطبيقهما على الشكّ في الوجود منصوص في روايتين من الأخبار المتقدّمة ، فيكون هذا دليلا على حمل البقيّة على قاعدة التجاوز كما قلنا في أخبار الاستصحاب حرفا بحرف ، هذا ما ربّما يقال في هذا المقام.
ولكنّ الحقّ إمكان إرادة الجامع في مقامنا وإن قلنا باستحالته في المقام المتقدّم ؛ لأنّ وجه الاستحالة في هذا المقام أمران ، أحدهما : ما تقدّم من عدم إمكان ارادة الشكّ في الشيء مع الفراغ ومع عدمه من قولنا : كلّ شيء شكّ فيه ، والآخر أنّه لا بدّ في الشكّ في الوجود من تقدير المحلّ في قولنا : وقد جاوزت منه ، أو خرجت منه ، أو مضى ، بأن يكون المراد مجاوزة محلّ الشيء المشكوك ، وأمّا في الشكّ في الصحّة فلا حاجة إلى التقدير ؛ لأنّ الخروج والمجاوزة يكون عن نفس الشيء المشكوك في صحّته.
أما الوجه الأوّل فمدفوع بأنّ الشكّ إذا اضيف إلى الشيء الغير الملحوظة معه وجود ولا عدم ولا شيء من الأعراض ، فلا معنى له ، فلا بدّ من ملاحظة شيء خارج عن ذاته حتّى يصحّ إضافة الشكّ إليه وتعلّقه به.
وذلك الشيء تارة يكون الوجود والعدم ، واخرى يكون الصحّة والفساد ، وبعبارة اخرى الكيفيّة القائمة بالوجود والوصف العارض عليه ، وثالثة يلاحظ مطلق التعلّق والتماس للشكّ بذات الشيء ، سواء كان من جهة الوجود ، أو من جهة كيفيته ، فنحن لا نتصوّر حين قولنا في شيء إلّا ذات الشيء بلا أخذ الوجود معه ، ونلاحظ تعلّق ما للشكّ به ، فيكون جامعا بين القسمين.
ولا غرو في استعمال لفظة «في» في جامع التعلّقين ، كما استعملت في موثّقة ابن بكير الواردة في باب لباس المصلّي من قوله : فالصلاة في وبره وشعره وروثه وبوله الخ ، في جامع التعلّق بوجه الظرفيّة المتحقّقة في اللباس وبوجه المصاحبة المتحقّقة في المحمول.