فرض أنّ سبق الأسئلة المذكورة أورث انصرافا في الكلام المذكور فهو ، وإلّا فصرف كونها قدرا متيقّنا لا يفيد بالاختصاص.
وأمّا ما ذكره قدسسره في وجه اختصاص الثانية مع كونه مشتملة على كلمة «كلّ» ففيه أنّا ولو سلّمنا مختاره في باب المطلق من شرطيّة عدم القدر المتيقّن في مقام الخطاب ، فلا بدّ أن نقول بعدم شرطيّته في ما إذا وقع اللفظ الدالّ على الطبيعة تلو كلمة «كلّ» وشبهها ، فإنّ العموم المستفاد من هذه الكلمة إذا انضمّ مع مفاد لفظة «الشيء» أو الرجل مثلا وهو الطبيعة المهملة يصير المحصّل استيعاب تمام أفراد هذه الطبيعة المهملة ، ويكون هذا بيانا لفظيّا رافعا لاحتمال دخالة قيد آخر ولو كان متيقّنا في مقام الخطاب ؛ إذ المفروض أنّ لفظة «رجل» ليس معرّفا لشخص خاص ، كما في قوله تعالى : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) ، لأنّ هذا خلاف الظاهر ، بل استعملت في نفس معناها وهو المهملة الجامعة بين المطلق والمقيّد ، وهو غير كون المعنى مردّدا بين المطلق والمقيّد.
والحاصل : تارة تكون كلمة «رجل» مجملا من حيث المعنى إمّا لأجل كونه معرّفا لشخص خاص وهو مردّد بين الخصوصيّات ، وإمّا لأجل كون معناه مردّدا بين المطلق والمقيّد ، وحينئذ لا محالة لا يفيد عموم الكلّ شيئا ، وكذا لو أورث قرينة المقام انصرافا في معناه إلى قيد خاص ، فإنّه أيضا في حكم الذكر اللفظي.
وأمّا إذا فرضنا عدم شيء من هذه الوجوه فإنّ المهملة معنى معيّن لا ترديد فيه أصلا ، نعم الترديد حاصل في وجودها في الذهن ، حيث انّها لا ينفكّ عن أحد الأمرين ، إمّا المتحقّق في ضمن المطلق ، وإمّا في ضمن المقيّد ، وأين هذا عن كون اللفظ مردّدا بين المعنيين ومجملا.
وكذلك كونه معرّفا عن المتخصّص بخصوصيّة أيضا خلاف الظاهر ، ولا انصراف في لفظه أيضا ، وإنّما المتحقّق صرف أنّ المتيقن بحسب الخطاب خصوص صنف خاص من الرجل كالبغدادي مثلا.
فحينئذ وإن قلنا : إنّه لو لا كلمة «كلّ» لتوقّفنا عن الحكم بالعموم ، لأنّ برهان